recent
أحدث المواضيع

حكايه من الذكريات سلسلة قصصيه بقلم : أحمد محمود



ذكريات العمر :  دقات القلب ( 1)

  كنت صبيا بالصف الأول الإعدادي عندما ظهر فجاة في شارعنا رجلا أسمر يجر عربة خشبية عليها قدرة فول مدمس، كان قد أتي من السودان مع زوجته الليبية وأطفاله، وسكنوا في شقة بشارع ضيق مجاور.. ولانه كان صامتا كتوما يتجنب الحديث مع اي أحد تناثرت حوله الإشاعات، قيل مرة أنه اخوانجي، وقيل مرة انه هارب من قضايا، وقيل مرة انه شيوعي هرب من اضطهاد جعفر النميري للشيوعيين، لكن لم يهتم الناس كثيرا بكشف بهويته قدر اهتمامهم بأنه يبيع فولا لذيذا


 به خلطة سرية تجعل طعمه لا يقاوم

 فاشتد الاقبال عليه حتي ان قدرة الفول كانت تنفذ سريعا قبل انتشار ضوء الصباح.. أحبه الجميع لسماحته ومهارته، لكني لم أحبه حيث كان منذ ظهوره سببا في قيام أمي بإيقاظي مبكرا قبل موعد الذهاب الي المدرسة بوقت كبير للإسراع بشراء الفول منه خوفا من النفاذ لان أبي يفضل تناوله قبل ذهابه للعمل.. 



كنت لا استجيب لها !!

 وأتظاهر بالاستغراق في النوم لكراهيتي للاستيقاظ المبكر، فكانت تبذل محاولات كثيرة معي وتظل تزغدني، وتحاول رفع الغطاء من فوقي وتعرية وجهي فأتشبث به بقوة، فاذا نجحت في رفعه أتظاهر بالمرض والحمي فتتحسس جبهتي وتكتشف أنني كاذب، فأجرب تصنع السعال فتسخر مني، ثم تزجرني قائلة: قوم الله يهديك، قوم تعبت قلبي وطلعت روحي.. فإذا فشلت جميع محاولاتها الرحيمة لإيقاظي تتحول من الام الرؤوم الحنون إلي 


"نعيمة الصغير"

وتصبح يدها الحانية يدا ثقيلة كيد "مايك تايسون"، حيث تنتزعني بقوة من علي السرير، فأقفز بعيدا خوفا من عواقب غضبها.. وهكذا كانت تدور بيننا المناوشات كل صباح وتنتهي باستسلامي وذهابي صاغرا بعينين نصف مغمضتين لشراء الفول.. إلي أن جاء يوم نزلت الي الشارع متململا متبرما كعادتي، لكني لم أجد البائع وكأنه قد تبخر في الهواء... 

google-playkhamsatmostaqltradent