recent
أحدث المواضيع

حكاية من الذكريات سلسلة قصصية بقلم : أحمد محمود

 ذكريات العمر: دقات القلب (6)

  كنت مستسلماً لما سيحدث، فأنقذني.. رآني أسير قلقاً مضطرباً فطلب من سائقه إيقاف السيارة وسأل ما بي؟، فوجئت وتلعثمت فقد كنا في ذلك الوقت نتخيله لا يقل قيمة وقامة عن رئيس الوزراء "ممدوح سالم".. كان "توفيق بيه" في الخمسينيات من العمر، أنيقاً مهيباً ميسور الحال، يشغل منصبا مرموقا بشركة هامة، وله سيارة فاخرة بسائق، ويمتلك بشارعنا بيتاً جميلاً مستقلاً..

صلاح نظمى !!

 عندما ترددت في الإجابة رمقني بنظرة أربكتني فهو يشبه كثيرا "صلاح نظمي" بتقاطيع وجهه الحادة الصارمة، وملامحه الأرستقراطية.. وجدت نفسي أخبره بالحقيقة وكيف سرقني الوقت في بيت زميلة أحبها وحذرني أبي من مقابلتها، وأخشي عواقب التأخير الطويل عن العودة الي بيتنا... ابتسم لصراحتي ثم قال بجدية: أنت ما زلت صغيرا أنصحك مستقبلاً حذاري من غواية النساء وإلا ستحترق، عموما لا تقلق، تعالي معي وسأجعل "سعاد" تخبر والدتك أنها أبقتك مع "يوسف" لتحفيزه علي المذاكرة..



مجلة حواء :

 "سعاد هانم" زوجته التي رزق منها بيمنى ويوسف، هي إمراة فاضلة راقية مثقفة، لا تختلط بالجيران، ليس إستعلاءاً وتكبراً ولكن هكذا طبعها تستمتع بالهدوء، وتحب القراءة والتطريز والعزف كهوانم الزمن الجميل، لكنها أحياناً تزور والدتي لشرب الشاي، والفرجة معا علي باترونات "مجلة حواء"، وكنت أعرف تواجدها في بيتنا من رائحتها الجميلة، كما عرفت من ثرثرتها مع والدتي قصة "سمية" تلك الفتاة صغيرة السن طاغية الفتنة التي التحقت بالشركة التي يرأسها "توفيق بك"..



سهير ذكى !؟

 قيل أن شخصاً نافذاً توسط لتعيينها رغم مستواها ومؤهلها وخبراتها المتواضعة.. في اليوم الأول جاءت الي الشركة وكأنها ستقضي وقتاً لطيفاً في حفل سواريه.. كانت تضع مكياجاً صارخاً، وترتدي كعبا عالياً، وفستاناً فوق الركبة، بفتحة صدر منخفضة تكشف أكثر مما ينبغي.. توافد شباب الشركة لرؤيتها وهم يضحكون: تم تعيين الراقصة "سهير زكي" عندنا.. كان "توفيق بك" رجلاً جاداً صارماً في العمل، تفحصها فأظهر إمتعاضه الشديد، وطالبها بالرحيل فوراً والعودة بملابس لائقة، وحذرها من تكرار ذلك فمعظم العاملين بالشركة رجال وعزاب.. 

الأنتقام المؤجل !!

ثم حكي "توفيق بك" لزوجته ما حدث، فنصحته بنقل أو رفد هذه الفتنة المتحركة، فوعدها بذلك.. لكنه فجأة تحمس لبقاءها، وتغاضي عن ملابسها وتصرفاتها، بل وأشاد بإمكانياتها وذكاءها، ثم منحها مسئوليات وسلطة كبيرة حتي علي العاملين الأقدم منها بكثير.. كان العاملون قد سخروا منها كثيرا في بداية تعيينها، وتغامزوا حول تواضع مستواها الاجتماعي والتعليمي.. والأن تمتلك نفوذا كبيرا عليهم بأمر الرئيس، فجاء وقت الحساب العسير.. أخذت تمعن في إذلالهم، وتستمتع بالسيطرة عليهم، وتتلذذ بقهرهم، وتتعمد إهانتهم؛ وتمتهن كرامتهم، وتتمادي في تجبرها وتحكمها فيهم، والويل لمن يخالفها.. 

الفتاه المتحرره الرعناء .

نافقها البعض حتي ينعم برضاها والذي هو رضا الرئيس، وتجنبها البعض حتي لا يتعرض لغضبها وأذاها والذي هو غضب وأذي الرئيس، وتذمر البعض خاصة قدامي العاملين من سيطرة فتاة صغيرة مستجدة عليهم، لكنهم كانوا كالحملان ليس لديهم القدرة ولا حتي الشجاعة علي مواجهتها، خاصة وأن "توفيق بك" أعلن رضاه التام عن أسلوب "سمية" في تسيير العمل، ومن يعترض فليرحل أو يستقيل.. كان يدرك أن ليس لديهم رفاهية ترك هذا المكان ذو الراتب المرتفع، فلم يعر للمعارضين أي اهتمام أو يبدي لهم اعتبار، كما لم يأبه لغضبهم المكتوم، واحتجاجهم الصامت.. لكن ما أسباب  التقلب والإعجاب المفاجئ لتوفيق بيه الرجل الملتزم الصارم تجاه سمية الفتاة المتحررة الرعناء؟؟.. 

google-playkhamsatmostaqltradent