الدار القديمة . قصه قصيره
رجة مدوية أيقظت النيام ، وقعت الدار القديمة ، لم تكن هذه هي المرة الأولى !! فقد وقعت كثيرا، و اعيد بناؤها في كل مرة على نفس الأساس و ذات التصميم .
الدار والبوابات المحكمه ؟؟
في قلب القرية تقع و عند مجمع طرقها و اتصال الترعة بالبحر الكبير موقع ليس له مثيل مساحتها كبيرة لكن المبنى يشغل أقل من العشر و بقية المساحة مهملة و مهدرة كخرابات تحيط بالمبنى فأصبحت مطعما للجيران أما المبنى نفسه مبني بطرق قديمة جاوزها الزمن و تخطتها فنون العمارة ، المدخل ضيق و مظلم و عليه بوابات محكمة كأنها بوابات سجن كبير في صحن الدار عمود وحيد يحمل كتل خشبية تحمل السقف و ترتكز كلها عليه كل الغرف تفتح في اتجاه صحن الدار ، الجالس بجوار العمود يستطيع أن يراقب كل اهل الدار و يتسمع أدق الخصوصيات و يعرف بدقة عادات كل ساكن و من يزور من و متى ينامون و متى يستيقظون و متى يخرجون و متى يعودون حتى من يذهب للحمام معروف لأن الحمامات أيضا تقع في اسفل السلالم الخشبية مواجهة للعمود أما النوافذ الخارجية ضيقة و مرتفعة و عليها قضبان و اسلاك .
الأعمده والجدران ..
العمود مبنى بطوب مخصوص الواحدة منه عبارة عن نصف دائرة فيقوم البناء بوضع كل طوبتين ليكونا دائرة و يتشكل العمود بالشكل الاسطواني ، الطوب يخرج من المصنع مدهون و مزركش برسوم و الوان زاهية و لذلك بالغ صاحب المصنع في أسعارها و استطاع بمساعدة البنائين و رجاله عمل دعاية قوية لمنتجه و امعانا في الدعاية و التمويه كان يعقد امتحانات دورية للعمال و يعلن عن مواصفات مبالغ فيها للخامات الموردة اليه و في كل مرة يعاد فيها بناء الدار يبدو العمود في البداية قويا معتدلاً براقا و لكن بعد فترة وجيزة يفقد بريقه و دهانه و تنكشف خامته الرديئة ثم يبدأ في الميل و الإنحراف حتى يقع و تقع معه الدار
أهل الداروالصمت المطبق !!
كلما نصح أحد أهل الدار بإعادة بنائها بالطرق الحديثة التي تسمح بتوزيع الاحمال و اتساع و تعدد المداخل و تسمح بمرور الضوء و هبات النسيم و تراعي خصوصية السكان و هى طرق انتشرت في كل أرجاء القرية و ثبت تفوقها و عصريتها يقوم صاحب المصنع و رجاله و بعض من اهل الدار الذين يلتفون و يتحلقون حول العمود بتخويف اهل الدار من الطرق الحديثة و يحتجون بأنها لا تناسب المكان و لا نوع التربة و لا طبيعة اهل الدار و أن الطرق الحديثة سوف تزيد من الفتحات و المداخل و تعرضهم للخطر و التمزق فيخاف المساكين و يعيدون بناء الدار بنفس الطريقة القائمة على عمود وحيد ليميل من جديد و يقع و تقع معه الدار.