فى ذكرى رحيل الفنانه صباح
هى ‘‘ الصَبوحة ‘‘ و ‘‘ الشَحرورة ‘‘ و ‘‘ صَوْت لُبْنان الجبلى ‘‘ المُطربة الْكَبِيرَة و المُمثلة المُتميزة ( جانيت جِرْجِس فغالى ) الشَّهِيرَة بصباح تلك الفنانة الرائعة الَّتِى تُعد ضَمنَ إحْدَى أيْقُوناتٌ الْفَنّ الْعَرَبِىّ على وجه العُموم و الأيقونات اللُّبْنَانِيَّة على الأخص إلَى جَانِبِ الفنانة فَيْرُوز و الفَنَّان وَدِيع الصافى و التى امْتَدَّت حَيَاتِها المِهنية مُنذ مُنتصف أربعينيات الْقَرْن الماضى حَتَّى أَوائِل الْقَرْن الحالى لِتَتْرُك خَلْفَهَا إرثّاً فنيّاً تليفزيونيّاً سينيمائيّاً و مسرحيّاً كبيرّاً خلدها كأسطورة فى المَجال الفنى عَلَى مَرِ العُصور و لما لا و هى مِنْ بَيْنِ أَوَائِل المُغنين الْعَرَبِ الَّذِينَ وَقَفُوا عَلَى خَشَبات الْمَسْرَح العالمى فى " أولمبيا " ببارِيس و قاعَة " كارنيجى " فى مَدِينَة نِيويورْك و قاعَة " أَلْبِرْت الْمِلْكِيَّة " فى لَنْدَن و " دار الأوبرا " فى سيدنى ..
ولِدّت صَباح أَو جانيت فغالى :
في بَلْدَةٍ بدادون اللُّبْنانِيَّة شَرَّق بَيْرُوت فى 10 / 11 / 1927م و يُذكر أنها كانَتِ الثَّالِثَةُ بَيَّنَ إخْوَتَها و أَحَبَّت الْغِناء و التَّمْثِيل مُنذ طُفولتها و كان عمها قد اِكْتَشَف موهبتها و عُذوبة صَوْتَها الجبلى ما جَعَلَهُ يُشجعها على تنمية موهبتها و تذكُر المصادر الفنية أن بِدايات صباح الفَنِّيَّة كانت فى لُبْنان و اِسْتَطاعَتْ أنْ تتّميز بشُهرتها الْمَحَلِّيَّة حَتَّى تمكنّت مِن لفتِ انْتِباه المُنتجة السينمائية اللُّبْنَانِيَّة الْأَصْل " أسِيا داغِر " فأوعزت الأخيرة إلَى وَكِيلُها فِى لُبْنَان " قَيْصَر يونُس " لِعَقْد اتفاقٍ مَعَها لِثَلَاثَة أَفْلاَم دُفْعَةً واحِدَةً وَ كان الِاتِّفَاقَ ينُص بِأَنَّ تتقاضى صباح 150 جُنيهّاً مِصريّاً عَن الفِيلْم الْأَوَّلِ وَ يَرْتَفِع السِعر تدريجيّاً حتى يصل إلى 250 جنية و بِالْفِعْل سافَرْت صَباح برفقه والِدَها و والِدَتِها و نَزلوا ضيوفّاً عَلَى أُسِيا فى مَنْزِلِها بِالْقاهِرَة و كلّفَ الموسِيَقار " رِياض السُنباطى " بتّدريبها فنيّاً إضافة لوَضع الْأَلْحان الَّتِى ستُغنيها خلال الفِيلْم .
و يُذكر أن فى تِلْكَ الْفَتْرَة قد اخْتَفَى اسْم :
« جانيت » ليحِلَّ مَكَانَهُ اسْمَ « صَباح » فى فيلْم ‘‘ الْقَلْبِ لَهُ واحِدٌ ‘‘ عام 1945م لِلْمُخْرَج هنرى بَرَكات و كان عُمرها آنذاك 18 عامّاً و يُقال أَن السُنباطى قَدْ لَاقَى صُعوبَة كَبِيرَة فى تّطْوِيع صَوْتَها و تَلْقِينها أُصُول الغِناءَ لأَنَّ صَوْتَها الجبلى كان مازال مُعتادّاً عَلَى الاغانى الْبَلَدِيَّة المُتّسِمة بالطابع الفولكلورى الْخاصّ بلبنان و سورِيا و لكن ما شجّع السُنباطى على تبنيها هو قوة صوتها الذى كان السُنباطى يُفضله دائمّاً فى مّن يؤدى ألحانه عكس الصوت المتوسط أو الضعيف الذى كان يجد صُعوبة فى تّشكيله ..
يُذكر كذلك أن تهافت المُخرجين !!
على صباح فتَوالَت بُطولاتها السينمائية و ذلك بعدما زادت شُهرتها فى الغِناء حَتَّى شَارَكَت فى نَحْو 85 فيلمّاً مَع كِبار المُمثلين كان على رأسهِم ‘‘ رُشدى أباظة ‘‘ ( الَّذِى تَزَوَّجَتْه لِفَتْرَة وَجِيزَة ) و ‘‘ أَحْمَد مُظْهِرٌ ‘‘ و ‘‘ مُحَمَّد فوزى ‘‘ و ‘‘ فَرِيد الأَطْرَش ‘‘ و يُعد أَفْضَلَ أَدْوارِهَا السينمائية فى فِيلْم " الْأَيدِى النَّاعِمَة " لأنه زاد من تعّلُق الجُمهور بها علاوة على أدوارها الرومانسية كما يُعد الفَنَّان مُحَمَّد فوزى هوَ صاحِبُ الرَّصِيد الْأَكْبَرِ مِنْ البُطولَة أمام الصبوحة بعدما قَدِما " ثَوْرَة الْمَدِينَة " و " فاعِل خَيْرٌ " و " الحُب فى خَطَر " و " الآنِسَة ماما " و " نَرْجِس " و " صَباحِ الْخَيْرِ " و يُذكر أن الْأَخِير كانَ آخِرُ تَعاوَن بينهُما كَما غَنَّت صَبَاح التُّرَاث اللبنانى و الْحُبّ و الوَطَن لكبار الشُّعَراء و المُلّحنين فى الْعالِم الْعَرَبِىّ كان أبرزهم " مُحَمَّدٍ عَبْد الْوَهَّابِ " و " زَكَّى ناصِيف " و " الْإِخْوان رحبانى " و " تَوْفِيقٌ الْباشا " و " بَلِيغٌ حمدى " و " جَمال سَلَامِه "
أما أشهر أغنياتها الْمَعْرُوفَة .
الَّتِى لَا يَزالُ يُرددها عُشاقها " تَعَلَّى و تتعّمر يا دار " و " دَخَل عيونك حاكينا " و " جَيْب الْمجَوِّز يا عَبُّود " و " ساعات ساعات " و " عالضيعة " و " زى الْعَسَل " و " دلوعة دايمّاً " و " إزْعَل قُوَى " و " أَنا هُنَا يابْن الْحَلَال " و غَيْرِهَا مِن الروائع و ذلك إضافة لإطلالتها على خشبة المسرح حيثُ اشتراكها فى 27 مَسْرَحِيَّة كان أبرزها " مَوْسِم الْعِزّ " و " دواليب الْهَوا " و " القَلْعَة " و " الشَّلاَّل " و " فِينِيقِيا " و " شَهْر الْعَسَل " و " سِتّ الكُل " و " وأَدَّى شمسين " و يُذكر أن مَسْرَحِيَّة " كَنْزٌ الأُسطورة " هى آخَر مَسْرَحِيَّة قَدَّمْتها مَعَ زَوْجِهَا السَّابِق " فأَدِّى لُبْنان " ..
الْمَلِك حُسَيْن بن طلال !!؟
ذكر أيضّاً أن حَمَلّتْ صَباح أَضافَهُ إلَى جِنْسِيَّها اللُّبْنانِيَّة ثَلَاث جنسيات أُخْرَى هى ( المِصرية ) و ( الأرْدُنِيَّة ) و ( الأَمْرِيكِيَّة ) و كانَتْ عَلَى صِلَةِ وَثِيقَة بعددٍ مِن الرُّؤَسَاء و المُلوك الْعَرَبِ و أسرهم الَّذِينَ قَدَروا فَنِّها خاصة اُسرة عاهِل الْأُرْدُن الرَّاحِل ‘‘ الْمَلِك حُسَيْن بن طلال ‘‘ .. جديرٌ بالذكر أن عاشت صباح إلَى جانِبِ صَخَب حَيَاتِها الفَنِّيَّة حَياة صاخِبَة عَلَى الصَّعِيدِ العاطفى إذ تَزَوَّجَت تِسْعَ مَرَّات ! و هم " نَجِيب شَمَّاس "والد ابْنِها الطَّبِيب ( صَباح شَمَّاس ) و " خالِد بْن سُعود بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ " و عازِف الْكمَّان الْمِصْرِى " أنْوَر مَنسى " الَّذِى أَنْجَبَت مِنْه ابْنَتِها ( هويدا ) و المُذيع و الدَّاعِيَة الْمِصْرِىّ " أَحْمَد فَرّاج " ! عِلَاوةً عَلَى الفَنَّانِين " رُشْدِي أباظة " و " يوسف شَعْبان " و النَّائِب السَّابِقِ في البَرْلَمَانِ اللبنانى " يوسف حَمُّود " و الفَنَّانِين اللبنانيين " وَسِيم طَبّارَة " ثُمّ " فَأَدَّى لُبْنَان " الَّذِى تَزَوَّجَتْه عام 1984م و اسْتَمَرَّت عَلاَقَتَهُمَا 17 عامّاً و كَان ارْتِباطِها بِهِ مِنْ أَطْولِ زيجاتها ! و الغريب و العَجيب أن صباح لم تتوان عَنْ الِاعْتِرَافِ فى حَدِيثِ تلفزيونى أَنَّها خانَت مُعظم أَزْواجِها مَعَ رِجالٍ آخَرِين لِأَنَّهُمْ كَانوا يخونوها أيضّاً !! فَأَرَادَت الِانْتِقَام مِنْهُم !!! بذات اُسلوبهم !!!! بعدما رَأَتْ أَنَّ غالِبِيَّة أَزْوَاجِها كانوا يستّغلون شُهرتها و ثروتها لِمَصالِحِهِم ,,
كما عُرِفّتْ صَبَاح بكرمها ..
فَكانَت تُنفق الْمَال بِسَخاء عَلَى مَنْ تُحب و تُساعد مَنْ يَحْتاجُ لِذَلِكَ كانَ يَطلق المُقربون مِنْها عَلَيْها لَقَبٌ " مدامٌ بَنْك " .. يُذكر أيضّاً أن اِتَّسَمْت عِلاقَة صَباح بِابْنَتِها بشيئ مِنَ التَّوَتُّرِ و ذلك بعدما اعْتَرَفَت صباح بِأَن شُهرتها عذِّبَت ابْنَتِها و أَن تجرُبتها مَع أَزْواجِهَا أثنت هويدا عَنِ الزَّواجِ و يُذكر كذلك أن أُصيبت هويدا بِأَزْمَة صِحِّيَّةٌ نَتِيجَة إدْمانها للهروين عام 2006م فباعَت صَباح مَنْزِلِها و أَقَامَت فى فُندق و أَدْخَلّت ابْنَتها إلَى مَصحة فى كالِيفُورْنِيا إلى أن تماثلت لِلشِّفَاء .. كَانَت صَبَاح تُردد بِأَنَّهَا تَتَمَنَّى إذَا خَسِرْتَ ثروتها و صِحَّتِها إلَّا تَخْسَر جَمالها و أناقتها " !
عَمَلِيَّات التَّجْمِيل !!
و كانَ لَها ما أَرادَتْ فبرغم تقّدُمها فى السِّنّ رَفَضَت أَنْ يَظْهَرَ الكِبر عَلَيْهَا و تَعْتَزِل الْغِناء و اسْتَمَرَّت فى إجْرَاء عَمَلِيَّات التَّجْمِيل و المُقابلات و المُشاركات فى الإحتفالات الفَنِّيَّة و كانَ آخِرُ اغنياتها " شو فِيها الدنيى " الَّتِى تَمّ تَصْوِيرها بِطَرِيقِه الفيديو كُلَيْب و قد عَبَرّتْ صباحٍ عَنْ سعادتها لحُصولها عَلَى جَوائِز تكريمية عِدَّة خِلَال سَنَوات حَياتِها الْأَخِيرَة و كَرَمِها رَئِيس الجُمهورية اللُّبْنَانِيَّة السَّابِق ميشال سُلَيْمان بِتَقْلِيدِها " وِسَامٌ الْأُرْز الوطنى " فى عَام 2011م ضَمِن مهرجانات بَيْت الدِّينِ علاوة على دُخولها مَوْسُوعَة جينيس عَنْ إرْثِها الفنى الْكَبِير و جديرٌ بالذكر أن صَوْتَهَا يُدّرَس حَتَّى كِتَابَةِ هَذِهِ السُطور فِى مَعاهِد الْموسِيقَى اللُّبْنَانِيَّة ..
وفاة صباح :
يُذكر أخيرّاً أن تُوُفِّيَت الشَحرورة فى فَجْرِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ 26 / 11 / 2014م بِمَقَرّ إقَامَتِها عَن عُمرٍ يُناهز الـ 87 عامّاً و اُعدّت جِنازَتَها مِن أغْرَب الجنازات فى الْعَالِم خاصة بعدما أَوصَت صباح قَبْلَ مَوْتِها بِأَنْ لَا يحزنوا عَلَيْها و أَنَّها تُريد أَن تُشيَّع علَى أَنْغامِها ! وَ هَذا ما تمَّ تَنْفِيذِه مِنْ قِبلِ الشَّعْب اللبنانى و أَهْلِها حَيْثُ امْتَلَأَت جنازتها بالأغانى و الرقصات الشَّعْبِيَّة ! و قد آثار نَبا وَفاة أُسْطورَة لُبْنَان الفَنِّيَّة ردود فَعَل مَلِيئَة بِالْأَلَم مِنْ بَيْنِها ما نَشَرَه مُستخدموا موقعى فيسبوك و تويتر و كَانَ مِنْ أَهَمِّ ما نَشَر فِى وَداع صَباح وَصِيَّتُها الَّتِى أعلنتها ابْنِه شقيقتها " كلودا عَقْل " الَّتِى نَعَتَها عَبَّر فيسبوك و قَالَت أَنَّها ذَهَبَت لِرَبِّهَا و أحِبتها الَّذِين سَبقوها " كما ذَكَرْت صَحِيفَةٌ " النَّهار " اللُّبْنانِيَّة أَن عَقْل نقَلّت للجماهير وَصِيَّةٌ الشحرورة بِأَنْ تَقولَ لجُمهورها أَنَّهَا تُحبهم و تطلُب مِنْهُمْ أَنْ يَظلوا يتذكرونها و يُحبونها و أضافت أَن الشحرورة رَحَلْت بِجَسَدِهَا لَكِنَّها سَوْف تَظَل فى الْقُلوب ,, و كانَت صَباح قَد صَرَّحَت قُبيل رَحِيلُها فى لِقَاء تليفزيونى لَها مَعَ المُذيع " وائِل الإبراشى " ( ساعات بكلم رَبَّنا و أَقوله كِفاية لَيَّة أَعِيش كُلّ دَه ) خاصة بعد أن تَعَرَّضَتْ خِلَال مشوارها الفنى لشائعاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَهَمِّها فُقدانها لبصرها و الَّتِى نفتها بِشَكْلٍ عملى عِنْدَما قَامَت بِزِيارَة مَكوكية للقاهرة قَبْلَ وَفَاتِهَا بِبِضْع سَنَوات .. لروحها السَّلَام .