من أفضل ما كتب عبد الحميد عمران
رغم الأعوام الثقال لم يتغير شيئ بل إنحدر الوطن خطوات وخطوات أكثر نحو الهاوية .. لا يقلقنى الحكم الديكتاتورى الباغى كثيرا فسوف يرحل ، إن لم يكن هذا العام فسيكون العام القادم أو الذى يليه .. سوف يرحل الحكم العسكرى بدباباته وسجونه إن عاجلا أو آجلا .. هو لن يبقى طويلا فالأحداث التاريخية تتبع دائما منحنى زمنى ثابت بين الصعود والهبوط ..
لكن رغم ذلك وبعد ذلك ستبقى مشكلة الوطن طويلا طويلا ..
سيبقى لنا الشعب الممزق المعادى لبعضه البعض الذى إنكشفت عورته وبانت سوءته ، وهو ما لا يمكن التخلص منه أو ترحيله .. سيبقى الشعب بسياسييه وإعلامييه وشيوخه وقضاته الذين فاق إنحطاطهم ودياثتهم كل تصور ، سيبقى هؤلاء الذين باعوا الأرض والعرض والقيم ومبادئ الشرف فى كل فعل أتوه وفى كل كلمة نطقوا بها .. سيبقى السياسيون الجبناء المنافقون الذين يلعقون دوما حذاء الحاكم ويؤازرونه برخيص الكلمات خشية سيفه وطمعا فى ذهبه وهم الذين طالموا رددوا ( طول ما الدم المصرى رخيص يسقط يسقط أى رئيس ) فأين ذهبت هتافاتهم ودعاواهم الفاجرة والدم يملأ مجرى النهر بدل الماء الذى باعوه ..
سيبقى السياسيون !!
السنيدة الذين تستخدمهم الدولة عند كل إنتخابات لإضفاء الشرعية والتعددية على المشهد السياسى الضحل .. سيبقى الإعلاميون الكاذبون الأجراء الذين إستخدمهم العدو لتلميع وكلائه لقاء الملايين من أموال الشعب الكادح ، الذين إستضافوا كل غبى أبله كاره للدين والوطن ينادى بهدم الأهرام وتحطيم التماثيل ليسيئوا إلى الإسلاميين ..
سيبقى الإعلاميون والصحفيون !!
الذين دبجوا المقالات وألفوا الكتب لإثبات أن الجزر ليست مصرية وأن دماء الشهداء التى سالت عليها كانت أكذوبة وذلك لكى يسهلوا لإسرائيل ممرا ملاحيا دوليا وصولا إلى موانيها وقناتها الجديدة المزمع إنشاءها .. سيبقى الإعلاميون والصحفيون الذين قال عنهم المسئول الإسرائيلى لولا أصدقاء إسرائيل المتعاونين معنا فى الإعلام المصرى ورجال أعمال مبارك لما إستطعنا التصدى لثورة يناير ..
سيبقى الشيوخ الضالون المضلون !!
كلاب النار الذين تلاعبوا بالقرآن وبالدين ، الذين أحلوا للجنود قتل المواطنين وقالوا لهم ( طوبى لمن قتلهم وقتلوه ) وأفتوا بقتل أساتذة الجامعات والمهندسين والطلبة سواء بالفتاوى المباشرة أو بالتصديق على أحكام الإعدام التى يعلمون تماما أنها باطلة وأن الإعترافات قد إنتزعت منهم تحت التعذيب ..
وسيبقى معهم !!
قصار النظر فى قيادات الأزهر والكنيسة الذين ضلت بوصلتهم عن صالح الوطن .. سيبقى القضاة الظالمون ضباط الشرطة السابقون الذين لم يكونوا ليقدروا على قراءة منطوق الحكم لشدة جهلهم باللغة العربية ، الذين حكموا بالإعدام على مئات الشبان فى كل جلسة دون أدنى دليل حقيقى خوفا من سيف المعز وطمعا فى ذهبه ، والذين بلغ بهم الفجر أن يحكموا بقبول الطعون وإعادة محاكمة المتهمين بعد تنفيذ أحكام الإعدام فيهم ، وصمة عار ونقطة سوداء فى ثوب القضاء الذى لم يكن ناصعا بالكلية ولكنا كنا نصبر عليه ..
سيبقى أدعياء الثورية !!
عملاء العدو الذين عملوا على إنكار وجود الوطن وتشويه تاريخه ونادوا بتمزيق أعلامه ودوسها بالأقدام ووصموا كل حكامه ورموزه ومفكريه بالماسونية وأهانوا جيش الوطن وكل قادته وأنكروا عليهم شرف قتال العدو وتحرير الأرض فى حرب أكتوبر وألصقوا به هزيمة لم يجرؤ العدو نفسه على إلصاقها به ، كرها من عند أنفسهم التى أصابها سعار الضلال ، والذين تحولوا الآن بجرأة عجيبة وإصرار إلى الطعن والتشويه فى الرئيس التركى والدولة التركية الوحيدة التى بقيت مدافعة عن المستضعفين ومأوى للاجئين ..
سيبقى كبار المسئولين الجهلة !!
الذين كانوا يتسابقون فى الهرتلة عن علاج الإيدز بصباع الكفتة وعن الأشجار التى تطرح الأسمنت وعن الرياح الشمالية الشرقية التى ستعيد الصواريخ إلى إسرائيل وعن الفالق الأرضى الذى سيتسبب فى إنهيار وتدمير سد النهضة الإثيوبى .. لقد كانوا حقا رجال المرحلة والنماذج الحية عن فقدان العقل الممثلين لزمن المحاق الوطنى والعربى المناسبين تماما والمعبرين عن العشرية السوداء التى تعيشها مصر ..
سيبقى لنا ما آل إليه حال !!
عامة الناس من جبن وغباء وهم يصفقون للطاغية حين يسبهم ويهينهم فى كل خطاب له وهم لا يبالون .. سيبقى لنا عامة الناس الذين صمتوا على ما أصاب شباب الوطن ومفارزه المتقدمة من قتل وتعذيب وتنكيل وبلاء .. سيبقى لنا عامة الناس وما أصابهم من دياثة وهم يشاهدون بناتهم حرائر الوطن يغتصبن داخل المدرعات وعلى قارعة الطريق دون أن تثور الدماء فى عروقهم ..نعم سيذهب حكم الطاغية ولكن سيبقى لنا شعب من صغار الطغاة ذليل مهان إنكشفت سوءته ، ووطن فقد عذريته وتمزق نسيجه الإجتماعى ..
فماذا نحن فاعلون به .. !!