كيف باع الخديوى أسماعيل أسهم مصر فى قناة السويس ؟؟
فى يَوْمِ 25 / 11 / 1875م خديوى مِصْر إِسْماعِيل يَبِيع حِصة أَسْهُم مِصْر فى قَناة السُّوَيْس لبريطانيا و الَّتِى كان يُقدر عَدَدِها آنذاك بـ 170 أَلْف سَهْم و هوَ الْأَمْرُ الَّذِى اُعِدَ بِمَثابَةِ كإِرْثِه كُبرى و طَامَّة عُظمى عَلَى مِصْرَ بَعْدَما سَطَرَ أَوَّل خُطْوة خَطّتها برِيطانِيا نَحْو إحتلالها عام 1882م …
و يُذكر أن كَانَتْ الحُكومة المِصرية
فى عَام 1875م عَلَى شَفا حُفرة مِن الْإِفْلَاسِ بَعْدَ أَنْ غَلَبَتِها الدُّيُون بسببِ مُدائبة إسْماعِيلَ عَلَى رَهْنِ مَوارِد الدَّولَة موردّاً تِلْوَ الآخَرِ ! فى سَبِيلِ الحُصول عَلَى القُروض المُتلاحِقة بفوائدها الباهِظَة ! و بالتالى كانَ عَلَيْهِ أَنْ يؤَدَّى فى ديسَمْبِر مِنْ ذاتِ الْعام مَبالِغ جَسِيمَةٌ تَسْتَّحِقّ فى ذَاكَ الْمَوْعِد فَإمَّا أَنْ يفى بِها وَ إمَّا أَنْ تُعلن الدَّوْلَة إفْلاَسِها تمامّاً و يَكونُ فِى ذَلِكَ نِهايَةٌ حَتْمِيَّةٌ لِبَقائِهِ عَلَى عَرْشِ مِصر الْمَحْروسَة …
و جديرٌ بِالذِّكْر أَنَّ بدّت هَذِهِ الفِكْرَة الخبيثة
تُساور الخديوى إِسْماعِيلَ فى أَوائِل نوفَمْبِر مِن عَام 1875م حِينَما و ذلك كانَ مُتواجدّاً بباريس فى ذلِكَ الْحِينِ أَحَد الماليين الفِرنْسِيِّين و اسْمُه ” أَدْوارْد درفيو ” و كانَ لَهُ اتِّصالاً دؤوبّاً بِالْحَالَة الْمَالِيَّة فى مِصْر و يَعلم بِارْتِباك الخديوى و اضْطِرارِهِ إلى الْمالِ فأَرْسَلَ إِلَى شقيقٍ لَهُ فى الْإِسْكَنْدَرِيَّة يُدعى المِسيو ” أَنْدرِيه درفيو ” و هو أيضّاً مِنْ رِجالِ الْمال ليّطْلُب منه أَنْ يَعْرِضَ عَلَى الخديوى بَيْع أَسْهُم مِصْر فى الْقَنَاة و يُبلغه بِأَنَّه مُستعدٌ فى حالِ قُبوله الْبَيْعِ أَنْ يَجِدَ المُشترى الْأَعْلَى سِعرّاً ! لِهَذِه الأسهُم فى بارِيس و بِالْفِعْل ذَهَب أَنْدرِيه درفيو إلَى الْقَاهِرَةِ و قَام بِهَذِه المُهمة الْقَذِرَة الْحَقِيرَة عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ …
يُذكر أخيرّاً أن تَمَّت المُفاوضات :
الْأُولَى بَيْنَ أَنْدرِيه و إِسْماعِيلَ فِى طى الكِتمان دونَ أَنْ يَعْلّمَ أحدٌ بِها مِنْ رِجَالِ الْمالَ وَ السِّيَاسَة فى الْقاهِرَة ! و تَمّ إخْفَائِها أيضّاً عَلَى قُنْصُل إِنْجِلْتِرا الْعَامّ فِى مِصْر الميجور ” ستانتون ” و لَكِن عَيْنَ السِّيَاسَة الإنْجلِيزِيَّة فى لَنْدَن و بارِيس كَانَت ساهِرَةٌ تُراقب كُل كَبِيرَةٍ وَ صَغِيرَة و حين بَلَغَها نَبا المساعى الَّتِى يَبْذُلْها أَدْوارْد درفيو فى بارِيس لِيَجْمَع الثَّمَن الْمَطْلُوب فَدَخَلْت هى الْأُخْرَى فى تِلْكَ الصَّفْقَة المشؤومة كى لاتستأثر فَرَنْسا وَحْدَها بِها ! و كانَ لَهَا لَلْأَسَف الشَّدِيد ما أَرَادَتْ مَنْ هَيْمَنَة بريطانية عَلَى مِصْرَ أَدَّت لإحتلالها فِيما بَعْد فى عَهْد خديوى مِصْر الْخَائِن و العميل لبريطانيا ” تَوْفِيقٌ ” نَجْل الخديوى إِسْمَاعِيل ,, و فى النِهاية نتمنى ألا يُعيد التاريخ نفسه فما أشبه الليلة الظّلماء بالبارِحة السَوداء ! .