recent
أحدث المواضيع

ذكرى رحيل الفنان كرم مطاوع ..

الحجم

                       

فى ذكرى وفاة الفنان كرم مطاوع ..

هو ” اُسْتاذُ الْمَسْرَح الْمِصْرِىّ ” و ‘‘ عاشِقُ الإندِماج ‘‘ و ‘‘ أيقونة الالتِزام ‘‘ المُخرج المَسْرَحى العِملاق و المُمثل الْكَبِير و الْقَدِير ” كَرَّم مُصطفى مَحْمود مُطاوع ” الشَّهِير بِكَرَم مُطاوِع ذَلِك الفَنَّان الرائِع ذو الصَّوْت الأجش الَّذِى دائِمّاً حِينَما تسْتَمَع له فى برنامج إذاعى أَو تليفزيونى أَو مَسرحى مُشاركّاً فِيه فتجده يَقْتَحِم طَبْلَة اُذْنِك بِصَوْتِه الرَّخِيم الْمَمْلوء بِالْحَماس و الشَّجَن فلا تشعُر إلا و نَفسك قد ذابت فى ذَلِكَ الصَّوْتِ عِشقّاً فتَتّفاعل و تتّعايش مَعَهُ وَ مَع حَماسَتُه و شِجْنَة و رُبما عُنفوانه أيضّاً ! فَتَتَيَقَّن أَشَدّ التيقُين بِأَنَّك تسْتّمَع أَو تُشاهد كَرَّم مُطَاوِعٌ و لما لا و هو الفَنَّان المسرحى الْوَحِيد الَّذِى اسْتَطاعَ أَنْ يَسْرِقَ الكاميرا مِنْ إبْطالِ الْعَمَلِ السينمائى و يَسْرِق أيضّاً اُذْن المُستمع الإذاعى و التليفزيونى أيضّاً مِنْ إبْطالِهِ بِصَوْتِه المُميز قَبْلَ أَدائِهِ الرائِع ! 

(كرم مطاوع )

و لِلْحَقِيقَة و الحقُ يُقال أننا حِينَما نَذْكُر اسْم كَرَّم مُطاوِعٌ لاَبُدّ و أَن نَتَوَقَّف كثيرّاً أمَام تارِيخِه المسرحى و ما أضفاه عَلَى عالِمٍ الْمَسْرَح الْمِصْرِىّ مُنذ أَن وَطأتِه قَدَماه فى ستينيات الْقَرْن الماضى بَعْد رِحْلَتِه البَحثية فى إِيطالِيا و تُخْرِجَهُ مِنْ مَعْهَدِ التَّمْثِيل و هُوَ الْأَوَّلُ عَلَى دَفَعْته ثُم عَوْدَتِهُ إلَى مِصْرَ لَيَعْمَل أستاذّاً بمعهد الْفُنون الْمَسْرَحِيَّة ليَخرُج مِنْ تَحْتِ يَدَيْهِ العَدِيدِ مِنَ نُجومِ التمثيل و الْإِخْراج فى مِصْر و الوَطَن الْعَربِىّ أيضّاً .. 

نشأته :

ولد كرم مُطاوع فى 7 / 12 / 1933م فِى مَدِينَة دسوق بمُحافظة كَفَر الشَّيْخ و ظَهَرَتْ عَلَيْهِ مَوْهِبَة التَّمْثِيل مُنذ طُفولَتِه فَكان يُقّلِد أَفْراد عائِلَتِه فردّاً فردّاً إضافة لمُتابعته العُروض الْمَسْرَحِيَّة الَّتِى يُقّدِمُهَا طُلَّاب مَدْرَسَتِه و يُذكر أنه لَمْ يَسْتَطِعْ فى شَبابَة الاِبْتِعادُ عَنِ التَّمْثِيل رَغِم الْتِحَاقِه بِكُلِّيَّة الحُقوق و لَكِنَّه أَدْرَكَ أَنْ الْمَوْهِبَة وَحْدَهَا لَا تُكْفَى فَالْتَحَق بالمعهد الْعَالِى للفُنون الْمَسْرَحِيَّة  أَثْناء دِراسَتِه بِالْكُلِّيَّة و تَخْرّج مِنْ كُلِّيَّةِ الْحُقوق و مَعْهَد التَّمْثِيل فى ذات الْعامّ و نظرّاً لتّفوقِه ” الْأَوَّلِ عَلَى دَفَعْته ” 


فَقَدْ ظَفَرَ ببَعَثَه لِدِراسَة الْإِخْراج فى إِيطالِيا :

اسْتَمَرَّت 5 سَنَوات كطالبّاً فِى الأكَادِيمِيَّة الوَطَنِيَّة لِلْفُنُون الدرامية بروما ثُم قامَ بَعْدَ اسْتِكْمالِ دِراسَتِه بِرَحْلِه فَنِيَّة فى عدة دُّولٍ الأوروبِّيَّةُ مِثْل إِنْجِلْتِرا و فَرَنْسا و أَلْمانِيا و النِمسا لِيَتَعَرَّف عَلَى الاتِّجاهات الحَدِيثَة فى فُنون الْمَسْرَح و عاد أخيرّاً إلَى مِصْرَ فى أَوائِل عام 1964م لَيَعْمل اُستاذّاً فِى مَعْهَد الْفُنون الْمَسْرَحِيَّة ليسطع اسْمَهُ فى وقتٍ قَصِيرٌ وسط كَوْكَبَةٍ مِن المُبدِعين فى مِصْرَ مِنْ أَمْثالِ ” نَبِيل الألفى ” و ” سَعْد أردش ” و ” الْفَرِيد فَرْج ” و يُذكر أن بَرَزّت مَوْهِبَتِه فى أَوْلَى المسرحيات الَّتِى أَخْرَجَها عَقِب عَوْدَتُه بِعِنْوان ” الفرافير ” و لكِن الصِّراع الَّذِى نَشِب بَيْنَه و بَيَّنَ الْمُؤَلِّفُ بَعْدَ نَجاح الْمَسْرَحِيَّة نقديّاً و جماهيريّاً أيضّاً تَسَبَّب فى إيقاف عَرَض الْمَسْرَحِيَّة رغِم أَنَّها كانَتْ تُعَدُّ مِنْ أَبْرَز عُروض الْمَسْرَح الْمِصْرِىّ فى ستينيات الْقَرْن الماضى بحثّاً عَن التَّأْصِيل و التَّجْذِير لِإِشْكال الْمَسْرَح الْمِصْرِىّ 


لَكِنَّ هَذا الْعَرْضِ

 بَعْد الدِّراسَة ارْتَدَى الشَّكْل المَسرحى الغربى خاصَّةً الإيطالى ثُم تَوالَت بَعْدَ ذَلِكَ المسرحيات مِثْل ” ياسين و بهَيَّة ” و ” الْفَتَى مِهْران ” و ” شَهْر زاد ” و ” مُحاكمة رأْس السَّنَةِ ” و ” جَواز عَلَى وَرِقٍ طَلَاق ” و غَيْرِهَا .. يُذكر كذلك أن سافَر مُطاوع للجزائر و عَمِل أستاذّاً لِطَلَبِه الْمَعْهَد الوطنى لِلْفُنون الدرامية بـ " برج الكيفان " حَتَّى عام 1975م و تَخْرّج عَلَى يَدَيْهِ فنانون جزائريون أَصْبَحوا روادّاً للمسرح فِيما بَعْد كان على رأسِهِم “مرير جَمال ” و” رماس حمَيْد ” و” عِياد مُصْطَفَى ” و” صوفيّا ” و ” زيانى شَرِيف ” و برغم أَنَّ مُطاوع يُعدُ مِنْ أَهَمِّ مُجددى الْمَسْرَح إلَّا أَنْ هَذا النَّجاح المسرحى لَمْ يَكُنْ بِنَفْس الْقَدْرِ فى السِّينِما و التليفزيون بالرغم كونه لَهُ عدة أَدْوار هامَة فِيهِما لكنها لَا تُضاهى مُطلقّاً أدواره التى أَسْهُم بِها بِغَزارَة فى المسرح و مايأخذه كاتب هذه السُطور على كرم مُطاوع أَنَّهُ قَامَ بِالتَّمْثِيل فى عِدَّة أَفْلاَم الْمُقاوَلات فى فترة السبعينيات مِن القرن المُنصرم و قَد جانِبِه التَّوْفِيقِ فى اخْتِيارِ الأفلام الَّتِى مِثْلُها فى تِلْكَ الآونة مِثْل ” أنا و الْعَذابِ وَ هَواك ” و ” امْرأَة لَلْأَسَف ” و ” المُشاغبات الثَّلَاثَة ” إلَّا أَنَّهُ و الحقُ يُقال قد قامَ بأدوارٍ أُخْرَى ذَاتُ قِيمَةٍ يُذْكَرْ مِنْها دَوْره فى أَفْلاَم ” سَيِّد دَرْوِيش ” و ” إضْرابٌ الشحاتين ” و ” المَنسى ” و ذلك إضافة لتّقديمِه عِدَّة أَعْمال عَلَى الشَّاشَة الصَّغِيرَة كان أَشْهَرُها ” الصَّبْر فى الملاحات ” و ” الْأَنْصار ” و ” أرابيسك ” و ” أَبُو الْبَناتِ ” و ” بَرْدِيس ” و ” الحَرملك ” و ” بَيْنَ الْحَقِيقَةِ و الْخَيال ” و ” ناسٌ وِلاد ناس ” و ” الطَّرِيقُ إلَى القُدس ” .. 

يُذكر أيضّاً :

أن انْقَطَع كرم مُطاوع عَن السِّينِما فَتْرَةً طَويلَةً ناهَزْت عَلَى الْعِشْرِينَ عامّاً ! لكنه فى هَذِهِ الْفَتْرَةِ قَدّم العَدِيدِ مِنَ المسرحيات الَّتِى قامَ بإِخراجِ بَعْض مِنْها و علاوة على تأديته بِطُولِه الْبَعْضِ الْآخَرِ منها كان أَبرزها ” دُنْيا البيانولا ” و ” الْيَهودِىّ التَّائِه ” و ” السُّؤال ” و ” اُودِيب ” و ” هاملِت ” و ” خَشَب الْوَرْد ” و ” وطنى عَكَّا ” و ” لَيْلَة مَصْرَع جيفارا ” و ” يا بهَيَّة وخبرينى ” و ” شَهْرَزاد ” و ” كوابيس فى الكواليس ” و ” الْإِسْكَنْدَر الْأَكْبَر ” و ” إِيزِيس ” 


و جديرٌ بِالذِّكْر ..

 أَن بِجانِب عَمِل مُطاوع كأستاذّاً فِى مَعْهَد الْفُنون الْمَسْرَحِيَّة فقَد عمِلَ أيضّاً مُديراً لمسرح الْجَيْب و مديرّاً للمسرح القومى و الْمَسْرَح الغنائى و رئيسّاً للمركز القومى للسينما و لِلْبَيْت الفنى للمسرح و الَّذِى اِكْتَشَف فِيه الفنانة الرَّاحِلَة ” سُعاد نَصْر “و تَوَعَّد لَها بمُستقبلٍ باهِر .. يُذكر أيضّاً أن حَلَم مُطاوع الَّذِى لَمْ يَتَحَقَّقْ قد تمثّل فى تَقْدِيمه مسَرَّحية ” ثار اللَّه ” و ذلك بسبب الأَزْهَر مَنْعُها و يُذكر أن حاول المُخرج ” جَلَال الشرقاوى ” أَنْ يُعِيدَهَا إلَى الْحَياةِ مَرَّةً أُخْرَى لكن الأزهر يُمارس هوايته المعهودة برفضها مَرَّةً أُخْرَى ! و هى الْمَسْرَحِيَّة التى كانت تَجْمِيع لِرِوايَتَيْن لِلْكَاتِب عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشرقاوى و هُما « الْحُسَيْن ثائرّاً » و « الْحُسَيْن شهيدّاً » و هُما اللَّذَانِ كانا تَدُور أحداثهما حَوْل حَياة الْإِمام الْحُسَيْنُ بْن عَلِىٍّ حَفِيد الرَّسُولَ الْكَرِيمَ و مَماتِه حيثُ قَامَ مُطاوع بِالْأَعْداد لِهَذِه الْمَسْرَحِيَّة حَتَّى أنه وَصَلَ إلَى عَمَلِ 19 بُروفَة نهائية لَا يَنْقُصُها إلَّا الْعَرْضِ عَلَى الْمَسْرَح لتتّخذ الرَّقَّابَة قرارّاً بِعَدَمِ إخْراجِها لِلنُّورِ بسبب رفض الأَزْهَر .


و نتج عن ماسبق 

إصابة كرم مُطاوع بِأَزْمَةٍ قَلْبِيَّةٍ حُزنّاً عَلَى عَدَمِ عَرْضُها و يُذكر أن كانَت وِجْهَةَ نَظَرٍ الأَزْهَر حِينِهَا أَنَّهُ عَمَلِ يَتِمّ فيه مُناصرة الشِّيعَةُ عَلَى السُنة و مِصْر بَلَد سَنَّى بِالطَّبْع بِالْإِضافَةِ إلَى تّجْسِيدَها لشّخصيات الصَّحابَة ! .. جديرٌ بالذِكر أن تَزَوَّج مُطاوع مِن الإيطالية ” مارجريت ” التى أَنْجَبت له التَّوْأَم ” عادِلٌ ” و ” كَرِيمٌ ” اللذانِ يُقِيمان فى إِيطالِيا ثُمّ تزوج بتلميذته فى مَعْهَد الْفُنون الْمَسْرَحِيَّة الفنانة ” سُهير المُرشدى ” و أَنْجَبت له الفنانة ” حَنانٌ مُطاوع ” نهاية بزيجته الْأَخِيرَة بالمُذيعة ” ماجِدَة عاصِم ” .. يُذكر أخيرّاً أن حصُلَ مُطاوع عَلَى العَدِيدِ مِنَ الأوسمة و التّكريمات كان أبرزها وِسامٌ الفُنون مِنْ الدَّرَجَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّئِيس الرَّاحِل جَمال عَبْدِ النَّاصِرِ كَما تَمّ تَكْرِيمُه فى مِهْرَجان قَرْطاج بِتونُس حتى جاء عام 1993م ليُصِاب مُطاوع بِمَرَض سَرَطان الْكَبِد قَبِيل نِهايَةٌ حَياتِه و رَغِم سَفَرِه لِلْعِلاج فى الْوِلَايات المُتّحدة إلَّا أنْ هَذا لَمْ يَكُنْ لَهُ تأْثِيرٌ فَعَّال فَعاد إلى مِصْر ليشتّد عَلَيْهِ الْمَرَض و يظِلّ 3 سَنَوات يُعانى مِنْهُ حَتَّى حانَتْ لَحْظَةُ النِّهايَة ذاتَ لَيْلَةٍ حِينَ تَمّ نَقَلَه لمُستشفى مِصْر الدُّولِىّ بَعْد شُعورِه بألامٍ حادَّة و وَقَفْت بِجِوارِه زَوْجَتِه السَّابِقَة و رَفِيقِه عُمره ” سُهير المُرشدى ” حَتَّى صَعِدْت رُوحَهُ إلَى بارِئها فِى 9 / 12 / 1996م عَن عُمرٍ ناهَز على الـ 63 عامّاً بعَدّ أَنَّ تَرْكَ لَنا رصيدّاً زاخرّاً مِنْ الْأَعْمالِ الفَنِّيَّة الْجَمِيلَة ..



قَالَت عَنْه الفنانة الرائدة الْمَسْرَحِيَّة الْكَبِيرَة 

‘‘ سميحة أَيُّوب ‘‘ بِأن أَعْمالِها الْمَسْرَحِيَّة الَّتِى أدّتها طِيلَة حَيَاتِها فى كَوَّم و الَّتِى أدّتها مَع مُطاوع فِى كَوَّم آخَر لِأَنَّها كانَتْ لاتُمثل بَل تتبارى مَعَهُ عَلَى خَشَبَةٍ الْمَسْرَح كَما يتبارى الفُرسان فى مَيْدان الْمَعْرَكَة لَكِنَّهُ كَانَ تباريّاً فى خِدْمَة النَّصّ المسرحى كَى يَصِلُ إلَى الجُمهور فى أَحْلَى صورَة ,, أَمَّا تلميذُه الفَنَّان المسرحى الجزائرى الْكَبِير ” عِياد مُصطفى ” فَقَالَ عَنْهُ ” كانَ وَ هُو يُدّرِسْ لَنا بالمعهد الوطنى يُشعرنا بأننا أمام عَرَضٍ مسرحى مُتقن لا دَرْسٍ مسرحىٍ نظرىٍ روتينى فَكان يَشْرَح و يُمثل مَشْهَد مِنْ الرِّوَاياتِ الْمِصْرِيَّة أَو العالَمِيَّة يُطابِقُ الشَّرْح لِيَكُون الدَّرْس نظريّاً و عمليّاً فى أَنٍ واحِد ثُم يَطْلُبُ مِنّا أَنْ نَقُوم واحِدّاً تِلْوَ الآخَرِ لنؤدى أَجْزاءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَشْهَد بتّقمُص لا بِتَمْثِيلٍ فحسب و كان يُعّنِف بشِدة مَن يُمثِل فقط دون تقّمُص لأنه لا يصل كما ينبغى للمُتلقى فكُنا حِين نَعُود لمنازلنا نَتَذَكَّر أَدائِه التّمثيلى أَكْثَر مانتَذكر شَرْحِه النَظرى لِأَنَّه أشْمل و أَعْمَق مِنْه مِلْيون مَرَّة ” .. رَحِمَ اللَّهُ كَرَّم مُطاوع و تَجاوَزَ عَنْ سَيِّئاتهِ و أَسْكَنَه فَسيحَ جَنَّاتِهِ .

google-playkhamsatmostaqltradent