المخلوق الأول !!
كانت الأرض تدور بهما ، ثم تنشطر وتدور بكل منهما ، ثم ينشطر الانشطار ويصبح على جزء من الأرض المنشطرة بعض منهما ، ثم تتجمع أجزاء الأرض المنشطرة ، فتتجمع تبعاً لتجمعها كل أجزائهما المنشطرة وتتحد في كيان يناظر الكيان الذي كان ، ليعاودا من جديد رحلة البدء في التلاقي ، ليلتقيا من جديد في العالم المتجدد في الكون المتجدد . التقيا ثم افترقا ؛ وقد التقيا مرة أخرى ؛ وافترقا ونسيا أنهما افترقا ؛ ثم التقيا وافترقا ؛ لآلاف المرات التقيا ثم افترقا.
وكأن الكون قد رتب لهما أن يلتقيا!!
ثم يفترقا آلاف أو ملايين المرات في ذات الحياة وفي نفس الحياة ؛ أو أنهما قد تجزئا لملايين الأشخاص على مدار الحياة ؛ كل الحياة منذ بدأت الحياة ؛ يلتقون ثم يجتمعون ثم يفترقون . في آخرة مرة حديثة للقاء ؛ التقيا في مصادفة ؛ في سياحة روحيهما ؛ حين نام كل منهما في نفس الوقت وفي غير المكان وفي غير الزمن ؛ وكان النوم عميقاً ولكن السياحة منه كانت ممكنة لكليهما رغم البعد الزمني الغارق في القدم والتراكم والنسيان ،
وحين انجذبا بالقرب :
قال أولهما سياحة في المدى الدائر حول الحياة وحول الزمن وفي طبقات الوجود المتعددة : " لا أرض تحتنا ولا سماء فوقنا ولا أصدقاء من حولنا ؛ ولا ضوء ينير لنا ولا هواء نتنفس منه ولا طعام نأكله ولا بهجة ولا حلم ولا أمل من شيء ولا أمل في شيء ؛ وكأننا محشورون في جُحر يسد فردنا على جماعتنا فيه طريق الخروج : فهل نحن ميتون ؟!".
فقال الاخر :
- بل أحياء في الموت ؛ إلى أن يحدث تمام الموت . " ملامحك ليست غريبة عليّ ؛ ولا غريبة عني ؛ كأننا التقينا من قبل ؛ أو كأننا واحد تجزأ ؟! ؛ هل التقينا من قبل ؟! بل هل جمعتنا الحياة في حياة أخرى فعشنا حتى افترقنا وتجمعنا بعد فراق أو تجزأ ؟! ملامحي تختزل عدة شخصيات ؛ فأنا عدة أشخاص وربما آلاف الأشخاص ؛ اتحدوا في تكوين حياتي الحالية وصورتي الحالية ؛ فأنا عائش منذ خلقت في عدة حيوات ومئات الألوف من صور الحياة ؛
الاحلام فى الدنيا ؟
التي امتدت منذ البداية والتي استقرت في النهاية وآن الآن أن أستريح . " تظن أن كل الأحلام في الدنيا ؛ ممكنة التحقق إلا أحلامك أنت : أنت مخطئ ؛ لو آمنت بإمكانية تحققها سوف تتحقق ؛ من هو قدوتك ؟! ؛ أنت لست المخلوق الأول " . قدوتي التزامي بأن أكون إنسانياً مهنياً ؛ محباً لمن يحبونني أولا ومحباً لكل الإنسانية ثانياً . أنا قوي جداً ، إذا ما صرت وحيداً وخلوت إلي نفسي وأنا ضعيف جداً ؛ إذا ما خالطني بعض من وددت أن أكون عنهم بعيداً
"إذا لماذا تلاحقني باللقاء بعد الفراق ؟!
لماذا تفارقني إذن مادام لقائنا محتوم من بعد الفراق ؟! . لماذا تأتيني في شبه ولماذا تأتيني في اختلاف ؟! ؛ لماذا تكون مرة علي صورتي ؟! ؛ ولماذا تأتيني وأنت أنت وأنا أعرف صورتك الحقيقية ؛ ثم تأتيني على عدة صور أخرى وكأني لن أعرفك ؟! . " لا تطرح عليّ أسئلة أنت تعرف أني لا أستطيع إجابتها ؛ لأني وأنت من بين مخلوقات اللعبة ".
منذ هذه المواجهة ؛
لم يلتقيا بعدها أبداً ؛ فقد ماتت المصادفات التي كانت تخلق لعبة اللقاء والفراق ؛ ثم اللقاء من بعد الفراق !! وتخلق تعدد الشبه واتحاده ؛ وتخلق تجدد اللقاءات من بعد الفراق ، وتحقق المنتهى بالمنتهى .