عن ذكرى رحيل المؤلف المسرحى العبقرى الفريد فرج .
عندما نتحدث عن المسرح فى مصر تقفز إلى أذهان أغلبنا الصورة النمطية للمسرح التجارى الذى قفز الى الواجهة عقب فترة الانفتاح فى نهاية السبعينيات ، والتى هى عبارة عن مسخرة أو كوميديا مسفة تقدم للرواد لكى يتملكهم المرح والسرور والفرفشة فى أجواء من التهييص والتهجيص ، والحقيقة أن مصر و قبل بروز وسيادة موجة الإسفاف والعرى الفنى الراهنة ، كانت قد شهدت مسرحا محترما مبدعا يقدم أعمالا هادفة تأخذ متلقيها الى آفاق رفيعة متحضرة،
الفن المسرحى :
سواء كان ذلك التلقى عبر عمل مسرحى جاد أوعرض كوميدى راقى ، وكان الإطلاع على الفن المسرحى يتم أيضا من خلال نشر الأعمال المسرحية لكبار الكتاب الأجانب والعرب وإتاحتها للقراءة بأسعار منخفضة، وكانت تلك النهضة المسرحية تعتبر إستكمالا لمرحلة سيد درويش التى ازدهرت فى مطلع القرن العشرين ثم إنزوت مع مطاردات فنون بديعة مصابنى وبمبة كشر وهلس على الكسار وبديع خيرى ،،
ألفريد مرقس فرج .
ومن الكتاب الرائعين الذين قادوا حركة الابداع المسرحى الجاد منذ فترة الستينيات وحتى مطلع الألفية الجديدة يأتى المؤلف المسرحى ألفريد مرقس فرج والذى يعتبر أحد أهم كتاب المسرح المصرى والعربي الحديث بلا منازع ، حيث إمتازت رؤاه بالطرح الجاد لقضايا العدل والحرية والتضامن الاجتماعي والهوية الوطنية والبحث عن الحقيقة والدعوة لخلق إرادة قوية فاعلة لدى الفرد لكي يكون قادراً على التغيير والتجديد،،،
فكره وتوجهاته :
كان ألفريد يسارياً يحظى برضا اليمين، ومصرياً لكنه قومى وعروبى إلى أبعد حد، مسيحى الديانة وفى نفس الوقت أكثر الادباء الذين استلهموا التراث العربى الاسلامى فى أعماله ،بل كان يؤكد دائما أن المسرح فى كل العالم اتجه نحو التراث، فالمسرح الإغريقى استخدم الألياذة والقصص التى تنتمى إلى التراث السابق لنهضة المسرح هناك،وعصر النهضة الأوروبية استخدم أيضاً القصص التراثية وقصص التاريخ والأساطير نفسها، وقد إستهدف ألفريد فرج بلجوئه إلى التراث إيقاظ وجدان المواطن العربى ليعيد له الاحساس بالبعد التاريخى بشكل يزيد من التشبث بالثوابت الوطنية والقومية ،
بعض أعماله :
يعرف المتابع لإبداعات ألفريد فرج وقوعه فى هوى عالم ألف ليلة وليلة وإنجازه لسبعة أعمال من هذا العالم الأثير منها "حلاق بغداد "و"رسائل قاضى إشبيليه" و"أيام وليالى السندباد" و"على جناح التبريزى" و:الطيب والشرير والجميلة" و"جواز على ورقة طلاق"، وآخرها "الأمير والصعلوك" وفى أعماله المستوحاة من ألف ليلة وليلة .
مؤلفات مسرحية :
لا يستعير الكاتب الحكايات والشخصيات بقدر ما يستعيد الأجواء ليقدم لنا ألف ليلة أخرى تعى المشاكل التى نواجهها فى العصر الحديث ،،،،كما كتب ايضا مؤلفات مسرحية متنوعة بعيدا عن ألف ليلة وليلة منها "سقوط فرعون" ، و"الزير سالم" و"سليمان الحلبى" و"عسكر وحرامية" و"النار والزيتون" و"غراميات عطوة أبو مطوة
مواقفه السياسيه :
كان ألفريد فرج مناصرا للفقراء والعمال والفلاحين ، ومؤيدا للحريات العامة ورافضا للقمع والقهر السلطوى ودفع نظير ذلك أثمانا غالية حيث تم اعتقاله لأكثر من 5 سنوات من عام 1959 وحتى عام 1964، كما كان مؤيدا صلبا لحقوق الشعب الفلسطينى حيث قدم عام 1970 مسرحية “النار والزيتون”التي سجلت محنة الشعب الفلسطيني والغبن الذي وقع عليه منذ وعد بلفور، ورفض الفريد فرج التطبيع مع الصهاينة حتى وفاته فى ديسمبر عام 2005 ، رغم الهرولة الرسمية وغير الرسمية التى شملت كتابا وادباءا كثيرين من نجوم الصف الاول كتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ولطفى الخولى وعلى سالم وأنيس منصور وغيرهم!!