النكبه الجديدة !!
نحن حاليا نواجه نكبة حقيقية ونكسة جديدة قد لا يمكن التعافي من آثارها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية أبدا ؟ فالمجتمع بأكمله بات أسيرا للانقسامات الحادة والتناقضات المروعة، كما سيطرت على الكثيرين من أبنائه رؤى إقصائية وفاشية وحالات إستقطاب غير مسبوقة وصلت إلى إستحلال إستباحة حرمات بعض المختلفين في الرأي أو العقيدة بلا تردد أو ندم ؟ ويتوازى مع كل ذلك ما نراه من حرب ضد الهوية العربية والإسلامية التى تنتمى لها الغالبية العظمى من المصريين ، إمتدت إلى التشكيك فى المعتقدات والثوابت ؟ وهى حرب ستتسبب في ظهور أجيال مشوهة الفكر لا تأبه بأية مقدسات أو ثوابت روحية أو وطنية أو قومية ؟
فى الوقت نفسه زادت الحملات المسعورة .
القامعة والمقيدة والمسيئة للرموز الإسلامية وعلماء الأزهر والتراث الإسلامي، بحجة التنوير ومحاربة الفكر الظلامى التكفيرى، بل وبدون حجة فى أحيان كثيرة ؟ كذلك تم تفتيت الترابط الاجتماعي والتراحم والتماسك الوطنى، و تم إعلاء القيم المادية وحدها بإعتبارها المقياس الأوحد لمكانة الفرد وتميزه الإجتماعى ورفعته ونفوذه ، وحوصرت الطبقة الوسطى (حافظة القيم والمبادئ النبيلة) بكافة الوسائل ، مما أدى إلى تفريغها وتدميرها لحساب قلة مارقة من المنافقين الإنتهازيين عديمى الضمير والنخوة والإنتماء ؟ هذا فى الوقت الذى إنسحبت فيه الدولة من دورها الاجتماعي والثقافى والعلمى والإقتصادى ،مما خلق تباينا رهيبا بين غالبية أبناء الشعب المصرى ،
بينما تم إغراق البلاد !!
إقتصاديا بإتباع سياسات تعتمد على الإستدانة المستمرة وهو ما سيثقل كاهل الأجيال القادمة بأعباء إقتصادية كارثية ومروعة ، وتكامل كل ذلك مع ما نراه من تجريف للتعليم بكافة مراحله، وهو تجريف يبدو متعمدا و سينتج عنه تدميرا علميا حتميا لأجيال عديدة قادمة ، ومما زاد من نكبة الأحوال وفجيعتها ،هو هذا التهاون والتقاعس والتدليس المتعمد تجاه جريمة إقامة سد النهضة على مجرى نهر النيل ، وما وازى تلك الجريمة من مخططات تآمرية صادمة، وصمت مخزى مشين على ما ينتظرنا فى المستقبل من نتائج وخيمة جراء إستمرار البناء بنفس الشروط والمعايير الأثيوبية الخطيرة ؟بينما فى الوقت نفسه هيمنت وسيطرت التفاهات والإهتمامات بالأمور السطحية المبالغ فيها على عقول الناس،فأستخدمت كرة القدم وغيرها للتخدير والإلهاء وإبعاد الشباب عن الإهتمام بالقضايا الأخطر، مما عمق من كارثة تسطيح وتتفيه العقول،
فأضحى مايشبه اليقين :
لدى عدد كبير جدا من المصريين أن فقدانهم أو فوزهم ببطولة الدورى العام لكرة القدم ،أو تناول الخمور والرقص الأهطل فى حفلة ماجنة بالساحل الشمالى وغيرها من الموبقات ،أهم وأقرب للنفس مليون مرة من الإهتمام بضياع مياه النيل وإندثار مستقبل وطن بأكمله ؟ إن ما يحدث أمامنا هو جريمة تاريخية لا يمكن أن يقبلها أو يغفرها كل من لديه ذرة من ضمير فى هذا البلد،
وهى جريمة لن تتسامح ..
معنا فيها كافة الأجيال القادمة ، ولن تفلح المبانى الشاهقة أوالمشروعات العملاقة فى تعويض الخسائر الفادحة التى ستخلف ورائها قطاعا عريضا من الفارغين المخوخين داخليا،وفاقدى الأهلية والإنتماء ومزعزعى الفكر و العقيدة وأسرى المصالح المادية والمتصارعون لأجل التوافه من الذين سيكونون بذورا صالحة للتعاون والبيع لمن يدفع وصولا إلى الخيانة المباشرة التى باتت تتحول تدريجيا من وجهة نظر، إلى معتقد ثابت مقدس !؟