recent
أحدث المواضيع

حكايه من الذكريات. سلسلة قصصيه .. بقلم أحمد محمود

الحجم

 

من ذكريات العمر .. دقات القلب ( 4 )

"والله عال.. عاملي روميو وإنت لسة بتبل فرشتك، وكمان مع ناس مش مستوانا، أصل أمكم دلعتكم".. انزويت منكمشا بينما كلمات أبي الثقيلة تدوي كالطاحونة، وتهوي على رأسي كالمطارق.. وعندما قرر بأن من يشتري الفول هو شقيقي الأكبر حتي لا أقابل الفتاة مرة أخري شعرت برغبة في البكاء، كما عض شقيقي شفتيه من الغيظ لأنه سيستيقظ مبكرا بدلا مني، فأنفرد بى وصاح متذمرا. "ياد يا عبيط بتجري تقول لأمك وإنت عارف إنها مش بتخبي حاجة علي أبوك، أهي قالتله، وأنا اللي اتورطت عشان تنبسط".. كان يحلو له دائما السخرية مني، أذكر لما سألته عن معني "خضراء الدمن" التي أطلقها والدي علي سمية قال: 

زي مهلبية مرشوش عليها ملح..

 قلت لم أفهم.. قال بتهكم: "بت مزة متعاصة في طين"، ومش حتفهم، الكلام ده كبير عليك".. سألت والدتي قالت: "يعني واحدة شكلها حلو بس أخلاقها وحشة ومتربية في بيئة واطية".. لكن الصبية الرقيقة التي احببتها لا اعتقد أنها ستكون كسمية الفاتنة سليطة اللسان، إبنة سايس سيارات قبض عليه ذات مرة بجريمة سرقة، وتم سجنه، ولها ثلاثة أخوة غير أشقاء من زوجة ثانية لأبيها يشتركون في محل حدادة، ويسكنون بيت واحد، وتنشب بينهم مشاجرات كثيرة تنتهي بإصابات بالغة فهم لا يعرفون غير لغة السنج والسكاكين، ولا يستطيع جيرانهم التدخل لشدة شراستهم..

 ولسمية إعتقاد راسخ : 

 بأن سعادتها في المال، ففسخت خطبتها من قريبها، بعد تلك الليلة التي اصطحبتها فيها صديقتها الكوافيرة إلي حفل زفاف بفندق خمسة نجوم حيث انبهرت بهذا العالم السحري، والأجواء الناعمة التي تختلف عما ألفته في حياتها.. شاهدت من يطلق عليهم بهوات بوجوههم المدهونة، وبدلهم الأنيقة، ونساء الطبقة المترفة بفساتينهن الكاشفة، وصدورهن المتلألئة بسلاسل الماس الثمينة، وأسكرتها رائحة العطور المثيرة، ووقفت مشدوهة أمام البوفيهات المليئة بأصناف الطعام والشراب الفاخر..

 ويبدو أن تلك الليلة الحالمة:

أحدثت بداخلها صدمة نفسية واجتماعية، فكان من السهل أن يصطادها في الحفل ثري عجوز من الذين تستهويهم الفتيات البلدي خاصة صغيرات السن، وسرعان ما نشأت بينهما علاقة وتطورت سريعا حيث لبي رغبتها في توفير وظيفة راتبها كبير، وأغدق عليها بالهدايا، ويقولون ان المقابل كان التنازل عن شرفها، أو ربما سمحت له فقط بالملامسة الجسدية والمداعبة.. الحقيقة لا يعلمها أحد سوي الله . وتوفيق بيه . زوج جارتنا الذي كان يشغل منصبا كبيرا في الشركة التي التحقت بها، ثم تورط معها أيضا، فهل كان يعاني في عشقها مثلما أعاني الآن من آلام بعد حرماني من رؤية من أحب؟ 

ما تسبب في فقدان شهيتي ؟

وأصابني مرضا أقعدني في الفراش أياما عديدة.. شعرت أمي أنها السبب فوعدتني لو تماثلت للشفاء سريعا ستجعلني أحظي برؤيتها، لكن حينما شفيت لم تف بوعدها فقد خافت افتضاح الأمر لوالدي، بل حذرتني من مقابلتها حتي لا أغضبه، فعشت في صراع دائم مع نداءات مغرية غير قادر علي مقاومتها، فروحي تهفو إليها بشدة، وقلبي يستصرخني لرؤيتها، كما أشعر بأحاسيس غريبة لم أعهدها من قبل حيث تراودني رغبات شريرة في الذهاب الي بيتها لتقبيلها واحتضانها، وكنت أنجح وأفشل في طرد هذه الوساوس الشيطانية..

 لكن في كل الأحوال عقدت: 

 العزم علي رؤيتها بأي وسيلة.. لم أكن مدركا ما أنا عليه أو مقدم علي فعله فلم أكن طفلا شقيا أو جريئا، بل خجولا مترددا، كما لم يكن "توفيق بك" رجلا مغامرا أو مندفعا، بل كان وقورا متزنا، إذا تحدث مع أي إمراة غريبة أدار وجهه إلي الجهة الأخري، ومع ذلك وقع ضحية إغواء سمية الفاتنة فاقتنصته كما الأرنب، ثم افترسته بلا رحمة.. 

google-playkhamsatmostaqltradent