رساله من داخل السجن الى رئيس الجمهوريه ..
في منتصف ديسمبر ١٩٦٨، اقترح علي مأمور سجن الإستئناف إرسال برقية إلى الرئيس جمال عبدالناصر، نطلب منه فيها الإفراج عننا.
كتبت البرقية:
(نطالبكم بالإفراج عنا حيث أنه قد مر على وجودنا بالسجن شهر، ولم توجه إلينا إتهامات ولم نقدم للمحاكمة) أعطيتها له، نظر الرجل إلى الورقة مذهولا. صاح قائلا: - أنت عاوز توديني في داهية! لا أدري أن كان الحال سيختلف لو كان مر علي في السجن سنة أو سنتين، كيف كانت ستكون صياغتي للبرقية! شهر وليس تسع سنوات! كان النظام الناصري بالطبع أكثر ذكاءاً وحنكة، وربما أكثر دموية من نظام السيسي، فالتلميذ أكتفى من نظام يوليو بالقمع والاستبداد، ودخل في خصومة مع الجميع، وفضل إستخدام (القوة الغاشمة) معهم، حسب تعبيره المفضل.كان عبدالناصر :
الاب المؤسس لدولة الاجهزة، يترك الباب مواربا ويستخدم مطالب طلاب هندسة عين وطلاب مصر في احتجاجاتهم في صياغة بيان ٣٠ مارس! حين كان الغرب يهاجمه باعتباره ديكتاتور دموي، كان لا يبالي ويسخر، ويستمر في قمعه، ولكن الرئيس السيسي، حفظه الله ورعاه، ليس كذلك! تعانقه السيدة بيبلوسي وهي تسير بجانبه وتهمس في اذنه: - لم الدور! يربت على كتفه كبير العائلة (بايدن) بأبوية وتفهم ويقول مبتسما: - كبر مخك وافرج عن الواد، ولو كنت حلفت انه ما يشوفش الشمس تاني، خلي الشيخ الجندي أو الشيخ "ألي قمعه" يطلعلك تخريجة.
الرئيس السيسي في زنقة !!
وهو بطبيعته لا يرحم ولا يتسامح، لا يعرف انصاف الحلول، طبعا إلا إذا جاءت من بره، ابي احمد والجزر والنيل والغاز والقروض، ولكن عندما يتعلق الامر بشباب يناير..! في منتصف الثمانينيات، عندما حاصر مناحم بيجين بيروت والمخيمات، كان ابو عمار مازال يقاوم، كان إستمرار الحصار واستمرار المقاومة مكلفا للصـ.. هـ ..ـا وللقيادات العربية التي تريد أن تتخلص من الثـورة الفلسطيــنية واسلحتـها ووجودها. كان جميع القادة العرب يريدون من بيجين أن يخلصهم وينتهي من العملية القذرة بسرعة قبل أن تثور شعوبهم الغاضبة، وهي ترى أجمل أحلامها بالخلاص من الكيان يدمر أمام عينيها!
ببساطة قدم عرفات الحل:
وافق على الانسحاب والذهاب إلى تونس، لتحرير فلـسطين من هناك! صور رسام أوروبي الحال في كاريكاتير شهير أضحك العالم: بيجين عاريا على الارض في وضع الكلب، وخلفه عرفات يستعد لإيلاج...عفوا فيه، والتعليق يتشير إلى موافقة عرفات على ترك بيجين ومعسكرات الثورة والخروج قبل أن يفعلها! العالم يراقب، العالم يعرف، العالم يدين! أصبح علاء تجسيد للحالة الكلية: مصر في السجن!
مصر تحتضر!
الرئيس السيسي يبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه، ويرسل المطيباتية للاسرة. حسنا فعل علاء عبدالفتاح حين رفض كتابة الالتماس، ولا يملك قرار اسرته. احيانا، يذوب القائد الثوري ويتماهى مع أحلام شعبه، تصبح حياته جزء من حياة الأمة، الأمم لا تموت. فعلها مانديلا، ابن بيلا وابو مدين ورفاقهم، الفتاة المصرية التي رفضت إستقبال المشير وهي على فراش العمليات.