مصر ونموذج مولدوفا !!
أخذتنى خيالات وظنون كثيرة, بعد أن شاهدت تقريرا إخباريا عن دولة اسمها "مولدوفا" تقع بين "رومانيا" و"أوكرانيا" وجزء منها يتمتع بحكم ذاتى وحماية "روسيا".. وتلقى اهتماما ورعاية شديدين من جانب "واشنطن" وكل دول "الاتحاد الأوروبى".. وعلى أرضها يدور صراع دولى شرس!! دولة صغيرة – مع كل التقدير – تلقى هذا الاهتمام بفضل موقعها الجغرافى.. وهناك دول صغيرة تتمتع بالاهتمام نفسه – وأكثر – لمجرد أنها تمتلك ثروات طبيعية مذهلة, كما هو حال "قطر" فى عالمنا العربى.. يحدث ذلك فى وقت نتابع خلاله استهانة بدول تتمتع بموقع جغرافى مهم جدا..
ليبيا _مولدوفا !!
بل تملك ثروات طبيعية كبيرة جدا, وأهمها "ليبيا" ولها عندنا كل الحب والتقدير والاحترام!! هنا يفرض علينا التفكير سؤالا.. لماذا تهتم دول العالم والقوى التى يقال عنها "كبرى" بدول صغيرة, وتستهين بدول كبيرة الحجم وشديدة الثراء مع أهمية موقعها؟! يجوز لكل باحث عن المعرفة التفكير والاجتهاد.. ويجوز لى مثلهم أن أشرح ما أفهمه.. فهناك فى دولة "مولدوفا" موقع مهم يعيش على أرضه شعب, ترك أمره لنخبة سياسية عبر ما اعتقدوه الديمقراطية.. منحوا ثقتهم للرئيس "إيجور دودون" الذى أعلن انحيازه للارتباط مع "روسيا" لأسباب حدث شعبه عنها.. فى فترة حكم استمرت من 2016 وحتى 2020.. لم تهدأ الولايات المتحدة الأمريكية حتى جهزت بديلا له..صندوق سورس والبنك الدولى ؟
كانت سيدة تم إعدادها فى "صندوق سورس" ثم بعدها فى "البنك الدولى".. وأنفقت عليها ما مكنها من أن تحكم "بالديمقراطية".. فأقدمت على اعتقال الرئيس الذى سبقها ووضعه رهن الإقامة الجبرية وكل من كانوا معه.. كممت أفواه ما تبقى من شعب.. رحل 30% منه ليقيموا فى روسيا.. صادرت الحريات.. أصبحت تحكم بالحديد والنار.. لكنها عنوان للديمقراطية حسب ما ترى "واشنطن" والذين يدورون فى ركابها.. إنها "مايا ساندو"!! دعنا من "مولدوفا" ولنتوقف قليلا أمام "قطر"باعتبارها عاصمة "كأس العالم"
وصاحبة "الجزيرة" التى تقدم الرأى والرأى الآخر!.. تدافع عن الحريات وحق الشعوب كما تدعى.. يحكمها الأمير "تميم" مع الذين أسميهم "غلمان بنى تميم".. وتحتضن أرضها كبرى القواعد العسكرية الأمريكية – العديد والسيلية – وتحتضن كل الفصائل المتصارعة فى عواصم كثيرة فى العالم.. لا تعادى إيران وتتحالف مع تركيا, وتفرض كلمتها على الكبار فى العالم العربى.. فعلت ذلك مع مصر والسعودية والإمارات والبحرين.. تنحنى لها "واشنطن" وعواصم أوروبا شكلا.. لا يسألونها عن انتخابات ولا حقوق إنسان.. لا يحاسبونها على تناقض مواقفها الصارخ, لأنهم يديرون هذا التناقض.. يحدث ذلك مع "تركيا" التى لا يخفى علينا أنها عضو "حلف الناتو" والقريبة جدا من "روسيا".. لذلك أرى حاكمها "رجب طيب بهلوان" الذى يلعب ورقة "الإخوان" بخفة وبراعة يحسد عليها..
ومعه الحق فيما يفعل!!
تبقى "ليبيا" شديدة الثراء بالنفط والموقع فضلا عن تاريخ له كل التقدير.. لكن كل هؤلاء يتلاعبون بمقدراتها, ويعبثون بحاضرها ومستقبلها.. كذلك الأمر فى "السودان" التى تعيش فى مهب الريح منذ ثورتها على نظام "الإخوان" الذى أفقرها وقسمها!! أعرف أن القارئ المشغول بنيران الأسعار وجلد "الضرائب" أصابه الضجر.. أسمعه يسألنى.. ماذا تريد أن تقول؟!.. أعلم أن "محمد معيط" وزير المالية القائل: "العالم يحسدنا على أوضاعنا" يعتبر ما أكتب كلاما فارغا – إذا كان لديه الوقت للقراءة – فهو منشغل بالبحث عن أفكار جديدة تسمح له بفرض ضرائب جديدة على المصريين..
كامل الوزير ..
فى ذلك سره وأهميته, التى تتجاوز أهمية رئيس الوزراء نفسه.. ولا ينافسه غير "كامل الوزير" وزير النقل والمواصلات.. الذى قال ذات مرة أنه أنفق تريليون وثمانمائة مليار جنيه لتطوير قطاع النقل, ثم استدرك بعدها بأيام وقال أن ما أنفقه تريليون ومائة مليار فقط!!.. تصريحاته فى المرتين مسجلة صوتا وصورة.. وظنى أن خطئه ربما يرجع لضعفه فى الحساب!.. فقد سبق أن قال أن ثلاثة كبارى مزمع إنشاؤها فى الصعيد, يتكلف كل منها اثنين مليار ونصف جنيه.. ثم أضاف أن "الثلاثة بتسعة مليار".. قبل أن يستدرك ويقول "الثلاثة بسبعة مليار ونص".. حدث ذلك فى حضور الرئيس يوم أن سأل عن "الحاج سعيد" وكلفه بتنفيذ أحد الكبارى الثلاثة!! طالت الفقرة الاعتراضية..مولدوفا . قطر . ليبيا . تركيا
أعود إلى "مولدوفا" و"قطر" و"ليبيا" و"تركيا" باعتبار أن الكلام عنهم لا يهم أحد.. لكنه مهم جدا عند الرئيس الأمريكى – بايدن – الذى جاء صاغرا إلى "الرياض" ليعقد ثلاثة قمم.. الأولى مع السعودية.. الثانية مع دول الخليج باعتبارهم الأكثر ثراء.. ثم الثالثة مع بعض الدول العربية الأخرى.. كما أنه مهم جدا عند الرئيس الصينى – شى جين بينج – الذى اختار "الرياض" لكى يعقد فيها قمم ثلاث مماثلة.. ما نعلمه عن اختيار "الرياض" كمركز للدائرة العربية, لا يتجاوز أنها عاصمة الدولة المصنفة من أكثر الدول ثراء فى العالم.. وقد يعرف البعض أن "السعودية" تلعب أخطر أدوارها إقليميا ودوليا, دون أن نملك القدرة على القطع بأنها ستكسب أو تخسر فى النهاية!!الأسعار والضرائب فى مصر !
يعتقد البعض أن كل هذا لا علاقة له بجنون الأسعار والضرائب فى مصر.. الحقيقة أن الدولار جرؤ على قتل الجنيه فى عز الظهر! وأن "البرلمان" لا يجرؤ على محاسبة الحكومة.. وأن الإعلام وافق على أن يلعب دور "صفية العمرى" فى فيلم "البداية" للمبدعين "لينين الرملى" و"صلاح أبو سيف".. لمجرد أن القائمين على أمره, لا تشغلهم غير وجاهتهم ونفوذهم وثرواتهم.. كل هذا جعلنا ننادى على الدنيا أن تساعدنا وتنجدنا من أجل "اتفاق قانونى ملزم" فى قضية مياه النيل.. بينما العالم يعاملنا كما يعامل "ليبيا" ويرفض حتى أن يضعنا فى مكانة "مولدوفا" و"قطر" و"تركيا".. فى حين فهمت "السودان" ما يدور حولها, فخرج ."عبد الفتاح البرهان"
على الدنيا كلها ليقول: "العسكر للثكنات, والأحزاب للانتخابات" بعد سنوات من الصراع!! ما أعلنه "عبد الفتاح البرهان" فى السودان هو "بروفة" لما سيحدث مع كل ما يراهن على "واشنطن" ودول الغرب.. وباعتبارى أؤكد الانحياز دائما للقوات المسلحة فى مصر, يجب أن أوضح بتأكيد ضرورة تفادى "طبخة مسمومة" جرى إعدادها فى جنوب الوادى.. لأن الذين "يطبخون السم" يراهنون على أننا يمكن أن نأكل "طبختهم" تحت ضغط ظروف "يحسدنا عليها العالم" كما قال "محمد معيط", الذى لا يكف عن استفزاز شعب يؤكد تاريخه على أنه صانع للمعجزات!! وكل المؤشرات والآهات تؤكد أن مصر تنتظر طوق نجاة.. أو لحظة انفجار.. هذا لن يحدث دون تغيير شامل وحقيقى وصادق.. حتى لا نجد أنفسنا أمام "نموذج مولوفا" بأن يهبط علينا من يسمونه "موظف دولى" لكى نسلمه أمرنا!!