ذكرى حزينة !!
في المرة الإولى التي دخلت فيها مصنع الحديد والصلب كان علي أن أترك سيارتي في الخارج وأستقل الباص الذي يمر كل عشر دقائق ليأخذني إلى حيث أريد. سار بي الباص غير قليل في شوارع تلتف حول مصانع كبيرة داخل المؤسسة الهائلة الحجم حتى وصلت إلى حيث أقصد!
وقفت مندهشا أمام مكبس روسي ضخم بحجم منزل صغير!
المكبس يصنع شاسيهات السيارات، كانت تصنع وقتها من ألواح الحديد سمك ثلاثة مليمترات.! شاهدت من بعيد منطقة الأفران وكنت أود لو دخلتها، ولكن .. ممنوع يا أستاذ! المصنع المنشأ منذ ما يزيد عن ستة عقود كان يورد للصناعات الناشئة والقديمة إحتياجاتها من ألواح الحديد البارد والقطاعات الساخنة للجمالونات والماكينات والمواسير وحديد التسليح وألواح الصاج للتغطيات ومواسير المجاري والبوابات.
.jpeg)
يشكل المعدن طبقا لإنواعه المختلفة: حديد مطاوع وصلب وزهر. الفرن المشتعل لا ينطفىء أبدا، ظلت ناره مشتعلة منذ لحظة إنشاء المصنع بإيدي رجال سيكونون قد عادوا إلى خالقهم في الأغلب، فلن يشهدوا لحظة أطفاء الفرن الحزينة.
قرأت اليوم خبر عن تصفية المصنع!
ماذا سيحدث له؟ هل سيباع المكبس القديم العملاق وبقية الماكينات خردة بالكيلو إلى مصنع السيد "عز" أو غيره؟ هل ستقام على أرضه مدينة ملاهي عالمية هي الأكبر في أفريقيا لتدخل موسوعة جينز؟ منتجع في منطقة حلوان ليستمتع أهل الخليج بالمناخ الصحي الرائع لحلوان، بعد إخلائها من مصانع الأسمنت والحديد والصلب والنقل الخفيف والكوك؟ ماذا سيفعل عشرات الألوف من العمال؟ ماذا ستفعل مصر؟