recent
أحدث المواضيع

حكاية من الذكريات سلسلة قصصية بقلم : أحمد محمود



 ذكريات العمر : دقات القلب (8)

إنفجرت الأحداث في مصر بعد رفع أسعار السلع الغذائية.. ذهبت إلي بيت "إيمان"  فوجدت والدتها قلقة لأن إبنتها لم تعد من المدرسة.. خرجت إلي الشارع الملتهب للبحث عنها، ورأيتها من بعيد مذعورة الملامح، وعندما أبصرتني هرولت نحوي وأنفاسها تتسارع من شدة الخوف.. تشبثت بذراعي، وسرنا بخطوات متعجلة تفزعنا أصوات الفرقعة، ونتعثر في إطارات السيارات المحترقة، والطوب والزلط بقايا المناوشات مع الشرطة، 

نزهه فى حظر التجوال !!

كانت المحلات مغلقة، والأبواب والشبابيك موصدة، والشوارع خاوية من الناس، فشعرنا وكأننا في تيه لا زمان ولا مكان، ولم نعلم بقرار "الرئيس السادات" حظر التجول.. وصلنا بيتهم بإعجوبة، وبقيت معها فترة طويلة فلم أكن أعرف أن "سعاد هانم" أخبرت أمي بعدم ذهابي إليهم، وتيقن أبي من أنني كنت أخدعهم طوال الأشهر الماضية، فإنتابه الغيظ الشديد، وضغط علي شقيقي ليعرف منه أين أذهب فاعترف له.. عدت إلي بيتنا في المساء وفتح أبي الباب وبهدوء قال: لماذا تأخرت؟، وأجبت: "راجعت درس العلوم مع يوسف و.."

العقاب القاسى !؟

وقبل أن أتم جملتي هوت يده على وجهي بصفعة مدوية كانت كسوط ملتهب شعرت معها بالعالم يدور، وكدت أسقط علي الأرض لولا أن إستندت علي الحائط فارتطمت مؤخرة رأسي بالجدار، ولم أر شيئا، وأطلقت صيحة ألم كمن خلع ضرسه بدون بنج.. وأكمل أبي صارخاً: "يا كذاب يا لعين، لا تستحق الثقة، ومن اليوم لن تذهب إلي أي مكان بعد المدرسة"، ثم أبرز العصا التي يتكئ عليها ورفعها في الهواء قائلا والشرر يتطاير من عينيه: "إذا علمت أنك قابلت هذه البنت حتي لو صدفة سأهشم رأسك بالعصا"..


أخى فوق الشجره ..

 إستدرت جريا نحو غرفتي خاجلاً بعد إنكشاف السر، ومتألماً من الصفعة، لكن الأشد إيلاما الوصف القاسي (وهو صحيح)، الذي نعتني به أبي، والقرار الصارم الذي اتخذه بعد ذلك.. كانت أمي قد إنخلع قلبها من هول الصفعة فبكت، وأدركت بعدها لماذا بكت الفتيات والسيدات من أجل "عبدالحليم حافظ".. فذات يوم أخذني شقيقي الأكبر إلي السينما كرشوة مقابل عدم إفشاء رؤيتي له يقبل فتاة علي سطوح منزلنا.. شاهدنا فيلم أجنبي ثم مصري "أبي فوق الشجرة" والذي لم ترق لي أحداثه فقد كنت وقتها طفلاً لا تشدني الأفلام الرومانسية فغفوت علي المقعد، ثم استيقظت علي صوت نحيب متقطع.. 

مشيت على الأشواك !!

كانت فتاة جالسة أمامي تبكي أثناء غناء عبدالحليم "مشيت علي الأشواك"، وكان بجوارها صديقها حيث إنتهز الخبيث تلك الفرصة لتحسس وجهها فأخذ يمرر يده علي خدها الناعم وكأنه يمسح دموعها، ولما استكانت شدها نحوه بقوة مستغلا ظلام السينما فألقت بنفسها بين ذراعيه وغابا في قبلة طويلة.. نظرت إليهم بدهشة ثم غفوت مرة أخري، لكن سرعان ما استيقظت ثانية علي أصوات بكاء هيستيري ترددت أصداؤه في كل ركن وكأننا في مأتم وليست صالة سينما.. 

فردوس وسميه :

رأيت الفتيات والسيدات ينتحبن وقد أخرجن مناديلهن القماش (قبل إنتشار الكلينيكس) ليمسحن دموعهن عندما قام "عماد حمدي" بتوجيه صفعات شديدة متتالية ل"عبدالحليم حافظ" إبنه في الفيلم بعد ان إنجرف مع الراقصة العابثة "فردوس"، التي أوقعته في شباكها، تماما مثلما إنجرف "توفيق بك" مع الفتاة العابثة "سمية" والتي أوقعته في شباكها وضغطت علي نقاط ضعفه فسقط صريع أنوثتها، حتي أنه اشتري لها بثمن الأرض التي باعها سيارة ومجوهرات، كما إستأجر لها شقة مفروشة فاخرة بحي راقي ليتردد عليها بين الفينة والأخرى..

 طلاق سعاد هانم .

ومع ذلك رغبت "سمية" في الاستحواذ عليه كي تستنزفه وحدها، ولا تشاطرها في أمواله ونفوذه أي إمراة أخري فطلبت منه طلاق زوجته أم أولاده "سعاد هانم"، لكنه رفض خوفا من تزعزع مكانته بموضوع الطلاق، فذهبت "سمية" إلي أحد السحرة المتخصصين في الأعمال الشريرة لكي يفرق بينه وبين زوجته، ويبدو أن السحر الأسود أتي مفعوله حيث إنقلبت حياته رأسا علي عقب.. 

google-playkhamsatmostaqltradent