recent
أحدث المواضيع

د. يحيى القزاز يكتب: عمرو موسى وشعبان عبدالرحيم



رحم الله الفنان الشعبى التلقائى البسيط "شعبان عبدالرحيم" فهو أول من أدرك خبيئة عمرو موسى فغنى له، والحقيقة لم أكن معجبا بالسيد موسى لكننى كنت معجبا بالأغنية لأنها تكره إسرائيل. وأكبرت عمرو موسى وهو ينعى فنانا بسيطا رحل. تذكرت تلك الأغنية وموسى يلقى كلمته في جلسة الحوار الوطنى.

بدأ انعاش الحوار الوطنى

 من جديد بعد عام من مرقده في دولاب الدولة. قبل عودته بيومين تم القاء القبض على مصريين ومصريات وقبلهم كُثرُ، تم الإفراج عن بعضهم أثناء انعقاد جلسة الحوار، يرى البعض أنها "رسالة سلبية من السلطة، وهي ان حتي لو هتشاركوا في الحوار، أعضائكم تحت الطلب، ودي طريقة ... في التنكيل بالناس، ثم الإفراج عنها، وتعني مفيش حد بعيد عن ادينا حتي لو جي الحوار، فهو حوار بين السجين والجلاد". وبعد أن أعلن المنسق العام للحوار مشاركة الأمة بمؤسساتها ونقاباتها وتنظيماتها وأحزابها في الحوار، اطمئن قلب السلطة على إحكام السيطرة على الأمة في مؤتمرها، وقامت مطمئنة برفع سعر السولار الذى يؤدى إلى رفع أسعار المواصلات العامة، وقبل الحوار بيومين تم رفع أسعار بعض السلع التموينية. 

واليوم 4 مايو 

أعلن القاء القبض على عم وخال النائب السابق أحمد الطنطاوى الذى أعلن عودته من لبنان وترشحه لرئاسة الجمهورية في أبريل الماضى، ومن قبل تم إلقاء القبض على ابن وشقيق الإعلامى حسام الغمرى المقيم بالخارج. هل الهدف من الحوار هو استغلاله كمشاركة ومباركة شعبية لرفع الأسعار والقاء القبض على أصحاب الرأى والتنكيل بأقارب المعارضين؟! ماذنب الأقارب أن يدفعوا ثمن فعل أقاربهم؟! لم يمس من أدينوا في ثورة 25 يناير 2011 ولا حتى أقاربهم. القبض والتنكيل رسائل سيئة ممن لا يقدرون المسئولية تشوه صورة مصداقية السلطة في العدالة واحترام حرية الرأي وحقوق الإنسان، وتحرق وتحرج المشاركين في الحوار وتجعلهم في بؤرة التواطؤ ظلما. هل هي محاولة تخويف لكل صاحب رأى، ولكل من يفكر في الترشح لرئاسة الجمهورية طبقا للاستحقاق الدستورى في 2024؟!
افتتح الحوار الأستاذ ضياء رشوان المنسق العام للحوار في 3 مايو 2023  بخطاب حدد فيه رؤية السلطة للحوار والهدف منه هو التوافق حول العمل الوطنى، وأنه لا توجد خطوط حمراء وكل القضايا مطروحة لبناء "الدولة الديمقراطية الحديثة".
وضع للحوار محددات ومحرمات مقدسات، بدأت بتعريف الحوار أنه "حوار شعب يتحدث" (شعب يتحدث!)، والمحددات هى "أن الحوار ليس مؤسسة بديلة، ولا حتى مكملا لمؤسسات الدولة الدستورية، وهو بوابة (بوابة أو كوبرى!!!) يمر من خلالها ما يشعر به المصريون وما يقترحوه من بدائل عبر مروره أولا على السيد رئيس الجمهورية (ولى أمر القصر!!)، لكى يتكرم (يتكرم!) إما بإحالتها إلى البرلمان لتقرر كقانون أو مشروع قانون أو إلى السلطات التنفيذية المختلفة كى يتم إقرارها في شكل قرارات. نحن (المتحاورون) نتعاون ولسنا بديلا أبدا للمؤسسات" (طبعا لسنا بديلا أبد أبدا أبدا نحن عبيد إحساناتكم!!!)
المحرمات المقدسات هى مصادرة حرية إبداء الرأي، ممهورة بموافقة وخاتم مجلس أمناء الحوار على ما يلى: أولا: "أنه لا مساس بالدستور المصرى القائم الآن، فالدستور تعديله أو تغييره مساره موجود في مجلس النواب والرئاسة والاستفتاء الشعبى، وبالتالي لا مساس بالدستور بل انصياع كامل (انصياع كامل!!، صياغة فيها احتقار للشعب صاحب السيادة والحق الأصيل في التغيير والتعديل والتبديل، ما عداه فهو اعتداء لا تعديل، الرأي العام هو الجمعية العمومية للشعب المصرى). ثانيا: "لا نقاش للسياسة الخارجية" (يبيعون ويفرطون ويستدينون باسم الشعب ويتحالفون مع أعداء الوطن باسم الشعب، وليس من حق أحد أن يعترض ولو همسا.. العبيد لم يطلبوا منهم هذا!!). ثالثا: عدم التعرض للأمن القومى الاستراتيجي حسب ماجاء في الخطاب "هناك ثقة تامة ليس من مجلس أمناء الحوار فقط لكن من حضراتكم (في إشارة لكل حضور الجلسة، ومنهم من حضر لأول مرة، ولم يشارك في اجتماعات سابقة.. تدبيس واحراج!!). المحرمات المقدسات الثلاثة أعلنت بموافقة مجلس أمناء الحوار وأيضا الحضور كما ذكر منسق الحوار.  نؤكد احترامنا لمن حضروا وان اختلفنا معهم، لكن ليس من حقهم أن يوافقوا على مصادرة حق الشعب في حرية ابداء رأيه، وعليهم بأن يؤكدوا أو ينفوا ما أعلنه منسق الحوار الوطنى منعا للبس، وحتى لايتهموا بالتواطؤ في مرحلة تاريخية حساسة كل شيء يرى على المكشوف. إذا لم يعلنوا موقفهم من هذه اللاءات الثلاثة، فهم يؤكدون ما نسب إليهم، وهو خطير. ال "لا" الرابعة: تحصين الحكومة وتحريم انتقادها. ترى السلطة "أن الحكومة مؤسسة دستورية لها احترامها وصلاحياتها، ولها ما تقوم به من إجراءات وطريق محاسبتها مؤسسة أخرى هي البرلمان" هل يتذكر أي مواطن كم استجواب قام به البرلمان ضد حكومة سياستها البيع والتفريط والاستدانة وسجن أصحاب الرأي منذ انتخابات 2015 وحتى الآن؟! لم يحدث.
أظهرت جلسة الحوار أولا: وضوح رؤية السلطة فى استخدام الحوار كبوابة عبور ومقهى للثرثرة لتشويه المعارضة، تهميش الشعب، وتكريس دولة الفرد، وسرقة الدولة، ومصادرة حق الجماهير في تداول أمرهم بلاءاتها الأربعة. ثانيا: "من أهم ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار هو رئيس الدولة الذى سيتلقى التوصيات والمقترحات، ما يرى أنه صالح للتشريع أو للتنفيذ سيأخذ به" فكيف نحتكم لمن كانت سياساته سبب أزمتنا المتفاقمة؟! وكيف يكون الخصم هو الحكم؟! ثالثا: كشف عمق الأزمة الوطنية عن معادن الرجال، فكانت الإشارة والبشارة على غير ما هو متوقع، بمعارضة قوية وصريحة من دولاب الدولة العميقة، ضد سياسات الدولة الحالية، عبر عنها السيد عمرو موسى وزير خارجية مصر في عهد الرئيس الأسبق مبارك، ود. حسام بدراوى أمين عام الحزب الوطنى السابق علانية في جلسة الحوار الوطنى، في محاولة تصحيح وإنقاذ مايمكن إنقاذه في وقت الدولة المصرية فيه تترنح على حافة الهاوية. وكانتا من أقوى المداخلات وأشدهما على الإطلاق. رابعا: إحراج بعض من أحسنوا الظن بالسلطة الداعية للحوار فخذلتهم، لم يستطيعوا أن يمتنعوا عن الحضور ولا أن يتكلم من حضر منهم. رابعا: جرأة غير عادية وغير معقولة لسلطة المفترض أنها تلملم أوراقها استعدادا لتقديم كشف حسابها في نهاية فترة حكمها، المفترض أنها فترة الإعداد للمعركة الانتخابية الرئاسية المستحقة عام 2024. طالب منسق الحوار بالصبر على الشعب.. كيف يصبر الشعب والانتخابات على الأبواب؟! وهل هذا معناه استهلاك الوقت وتجميل الزيف وابعاد كل منافس على الرئاسة في الفترة القصيرة لصالح الحكم الحالى؟! إن كان هذا هو هدف السلطة فكيف تطاوعها النخبة على هذا في الحوار الوطنى؟!
الحوار الضرورى والمطلوب الآن هو بحث الأزمة الراهنة وكيفية الخروج منها في الانتخابات الرئاسية المستحقة القادمة، وغير ذلك استهلاك للوقت وضياع للدولة. قد يكون الحل السلمى الآمن هو اختيار نظام حكم توافقى بين مدنيين وعسكريين، له رأس متفق عليها من الطرفين وحكومة تنفذ. نقطة مهمة: لا تستطيع المعارضة بوضعها الحالي أن تحكم مستقلة، دولاب الدولة العميقة في عقر دار القوات المسلحة، ولن تسلمه طواعية. من يأتي رغما عن أي طرف لن يكتب له الاستقرار. الحكم الرشيد بالمشاركة هو المطلوب في تلك المرحلة. نحن بحاجة لتجربة سياسية جديدة فيها اخلاص وتوافق وعمل من أجل الوطن، مع عدم تجريب المجرب. ليس كل مايتمناه المرء يدركه. الضروة لها أحكامها، والخروج من الأزمة في ظل الظروف المحيطة يتطلب تضحية من الجميع وخروجا من الأزمة. مقاومة شرور أنفسنا وأطماعنا هي بداية الحل.
#المقاومة_هى_الحل

google-playkhamsatmostaqltradent